راديو روزانا - 12/4/2023 4:34:27 PM - GMT (+2 )
الشتاء في مخيمات ريف جسر الشغور - روزنة
روائح مختلطة من بقايا البلاستيك المحترق مع روائح بقايا النفط والقماش والأحذية، وكل ما يمكن أن يساعد في الحصول على بعض الدفء، جميعها تشكل سحباً تحول الجو إلى ضبابي غير واضح الرؤية.
لا يهتم كثيراً السوريون إلى انبعاثات تلك المواد، فالبرد القارس وغلاء أسعار مواد التدفئة أجبرهم على البحث عن بدائل، حتى وإن كانت خطرة، لتمضية فصل الشتاء.
وصل سعر كيلو غرام قشر الفستق من النوع الأول، وهو من أهم وسائل التدفئة الشائعة في إدلب، إلى 7 ليرات تركية، في حين تحتاج العائلة بشكل وسطي إلى 7 كيلو غرامات يومياً، أي ما يعادل 50 ليرة تركية تقريباً في اليوم، إذا أهملنا سعر المدفأة الذي تجاوز مئة دولار، (الدولار الأمريكي يساوي 29،2 ليرة تركية).
اقرأ أيضاً: "الي نوفره بالصيف نحطه بالشتوية".. تأمين وسائل تدفئة يرهق السوريين
يقول لـ"روزنة" يامن وهو عامل مياومة، يقيم في مخيم على أطراف مدينة إدلب: "عندي مدفأة تعمل على قشر الفستق، اشتريتها قبل عامين بـ115 دولاراً، إلا أنني لم أعد قادراً اليوم على تأمين القشر اللازم لها، فحولتها إلى مدفأة تعمل على كل ما هو قابل للاحتراق".
ويضيف يامن بسخرية لا تخلو من الألم: "نجمع خلال العام نفايات المنزل البلاستيكية، من بقايا علب المياه وأكياس النايلون، والأحذية القديمة، لنستخدمها في فصل الشتاء، الأمر مرهق لكن لا يوجد بديل".
ويشرح عن عدم قدرته على تأمين مواد التدفئة اللازمة، بأن جميع أنواع القشور باتت بعيدة المنال، "فأرخصها هو قشر البندق من النوع الرديء، وبات الكيلو غرام الواحد بـ6 ليرات تركية".
"أشتري كيلو الألبسة والأحذية القديمة (البالة) غير القابلة للاستخدام بـ3 ليرات تركية، يمكنها أن تساعدنا في تقضية الأيام الباردة جداً، بينما نستخدم القش والعيدان الدقيقة في الأيام العادية"، قال يامن.
تنتشر في إدلب مادة تعرف بالفحم، إلا أنها في الحقيقة هي بقايا الفيول المكرر يدوياً، وهي مادة صلبة تشبه إلى حد كبير الفحم الحجري، وتتوفر قطعاً بأحجام كبيرة، أو ناعمة، ولكل نوع سعره الخاص.
بقايا الفيول الخاص بالتدفئة - روزنة
يباع الكيلو غرام الواحد من تلك البقايا الصلبة ذات الحجم الكبير بـ6،5 ليرة تركية، في حين يباع كيلو الناعم منها بـ4،5 ليرة تركية.
أخبرتنا سلمى التي تعيش في مدينة إدلب بأنها تستخدم تلك المادة منذ سنوات، على الرغم من ضررها الكبير على الصحة، إلا أنها وجدت أنها الأفضل من بين مواد التدفئة من حيث الوفرة مقارنة بالسعر.
وتتابع سلمي حديثها لـ"روزنة": "هي الأفضل من حيث السعر والوفرة إلا أن أضرارها كبيرة، فمع بداية كل موسم شتاء تبدأ رحلة المرض مع العائلة، نتيجة تلك الروائح والأدخنة الكريهة التي تنبعث منها".
تفرز تلك المادة النفطية روائح كريهة تشبه روائح احتراق البلاستيك، والتي يصفها طبيب الصدرية مؤيد العلي بأنها "سامة"، فيقول لـ"روزنة": "مع بداية موسم الشتاء واستخدام الأهالي مواد تدفئة غير صحية، ترتفع نسبة الإصابات بالتهاب القصبات الشعرية، خصوصاً بين الأطفال".
ويشير الطبيب إلى أن العيادات والمراكز الصحية تشهد ازدحاماً كبيراً نتيجة الأمراض الصدرية في فصل الشتاء، أغلبها نتيجة استنشاق أدخنة منبعثة من المدافئ، مضيفاً: "أكثر المتضررين منها من غير الأطفال، أولئك الذين لديهم مشاكل صحية في الجهاز التنفسي، كمرضى الربو".
نسبة كبيرة من السوريين في شمالي غربي سوريا غير قادرين على استخدام المادة التي كانت في السابق الأكثر استخداماً للتدفئة، وهي المازوت، بسبب الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار تلك المادة.
يصف مهند المازوت بأنه "كالنجم في السماء، نراه في محطات الوقود ولا يمكننا الحصول عليه بسبب سعره المرتفع بالنسبة لشريحة واسعة".
قد يهمّك: إحصائية: ارتفاع عدد الإصابات بالكوليرا في شمالي غربي سوريا
وأضاف مهند لـ"روزنة": "في إدلب نوعان من المازوت فقط، الأوروبي والمكرر (مستخرج بشكل بدائي)، الأول من المستحيل للغالبية استخدامه للتدفئة فسعر الليتر الواحد منه 31 ليرة تركية، في حين وصل سعر الليتر من المكرر يدوياً إلى 20 ليرة تركية".
"من المتعارف عليه أن العائلة تحتاج في الحد الأدنى إلى 5 ليترات مازوت يومياً للتدفئة، أي أنك بحاجة إلى 100 ليرة تركية يومياً، بينما أنت تعمل على بسطة خضار لتحصل منها ما يقارب الـ75 ليرة في اليوم، لتكفي مصروفاً كاملاً للمنزل، أليس هذا مستحيلاً؟"، قال مهند.
وكشف عن أنه يعتمد على ما يتوفر لديه من بقايا صناديق الخضرة (بلاستيكية وخشبية) التي يبيعها على بسطته، يجمع تلك الصناديق طيلة العام، ليستخدمها للتدفئة في فصل الشتاء.
ومما يزيد المشهد سوداوية نية الأمم المتحدة تخفيض قيمة مساعداتها إلى السوريين في شمالي غربي سوريا، وذلك وفق ما ذكر فريق منسقو استجابة سوريا في بيان، قبل أيام، حيث كانت بعض المنظمات الإنسانية تقدم، ضمن مشاريعها، مواد تدفئة لعدد من سكان المخيمات.
إقرأ المزيد