رائد الفضاء السوري محمد فارس قامة علمية أرعبت حافظ الأسد
تلفزيون سوريا -

لم يكن الأمر بهذه البساطة بأن يعلن رائد الفضاء السوري اللواء محمد فارس أحد أعلام سوريا المرموقين، وأكبر قامة علمية في مجال أبحاث الفضاء على مستوى سوريا والوطن العربي، انشقاقه عن منظومة الأسد ذات القبضة الحديدية، وانضمامه الى صفوف الثورة السورية.

قرار محمد فارس أثار غضب القيادة العسكرية، ورفع من معنويات الثورة السورية، فكان لهذا الحدث غير العادي، صدمة كبرى فرضت على نظام الأسد تغيير وترتيب أوراقه من جراء انشقاق جنرالات كبار، وخاصة على صعيد الإعلام الذي عمل على مدى خمسة عقود ونيف على تغطية عيوب نظامه السياسي المغتصب لإرادة الشعب السوري باللعب على وتر القضية الفلسطينية، من خلال ركوبه الموجات القومجية المتاجرة بتحرير فلسطين واسترجاع الجولان السوري المحتل، وتطبيق القرارين الأمميين 242 و 338، وأسطوانة محور المقاومة المشروخة، ومحور الصمود والتصدي الذي صدع به رؤوس السوريين وأقنع الكثير من العرب الطامعين بالتحرير، بأنه البطل القومي الذي لا يشق له غبار.

لكن مما لا شك فيه أن التوثيق التاريخي يكتسب أهمية كبيرة في مختلف العصور، فالأمم تُقيم من أجله المكتبات الخاصة والمراكز والمتاحف، وتُختار لأجله المتخصصون في مجال التوثيق والتحليل والتمحيص والأرشفة، أما تاريخ سوريا الذي قام حافظ الأسد ونظامه البعثي بتشويهه وتحريفه وتزويره، فهو محفور في قلوب وصدور السوريين وذاكرتهم التي لا تنسى التاريخ الدموي لحافظ وأخيه رفعت ومجازرهم وتدميرهم للمدن السورية.

لقد كان من محاسن الثورة السورية العظيمة، بأن عملت على إظهار سوْءة حافظ الأسد، الضابط الفاشل المسرح برتبة نقيب في عام 1963 سيئ الصيت والسمعة والخلق، والذي عاد إلى صفوف الجيش بعد الثامن من آذار في العام نفسه، ووضع رتبة الرائد وانخرط في قاعدة الضمير الجوية كونه من أصدقاء صلاح جديد الذي قام بترقيته من رتبة مقدم إلى رتبة لواء دون المرور برتبة العقيد والعميد، كونه من ذوي القربى والأرحام، والذي غدر به حافظ الأسد لاحقاً.

لن يروق لحافظ الأسد الضابط المكابر المتعجرف أن يرى رائد الفضاء الطيار محمد فارس صاحب الفكر العلمي أكثر منه معرفة، قد أصبح أعظم منه شأناً، وهذا ما تم تنبيه حافظ له من قبل مستشاريه الروحانيين بأن يوقف الاحتفال بعودة رائد الفضاء محمد فارس لأسباب مرعبة منها:

أولاً - إن رائد الفضاء طيار لامع في ريعان الشباب وقد يشكل عليك خطراً كبيراً فهو من مواليد عام 1951 آنذاك ذو نجم ساطع، ابن مدينة حلب الأكبر في تعداد السكان، خرّيج الأكاديمية العسكرية ومدرّس فيها، وضابط في سلاح الجو ومستشارٌ عسكري، وممنوع أن يرى الطاغية التفاف الجماهير حول رجل أكثر منه صيتاً وسمعة، لأنه هو القائد الملهم الذي يجب أن تُسبح الجماهير بحمده، وأكثر ما يرعب الطغاة، هم أصحاب العقول النيرة، والتي عمل حافظ الأسد على تهجيرها منذ توليه السلطة، لذلك حارب محمد فارس وأبقاه في الظل.

ثانياً - محمد فارس أول طيّار سوري حلّق إلى الفضاء كـ رائد فضاء باحث وليس مشاركة فقط على متن مركبة الفضاء "Soyuz TM-3"، ونجحت أبحاثه العلمية والطبية والفيزيائية وهذا يتنافى مع منظومة حافظ الأسد التي أرسى دعائمها الأمنية والعسكرية والاجتماعية منذ العام 1964 كي تكون إمبراطورية يحكمها بدموية سرايا الدفاع وسرايا الصراع والوحدات الخاصة بيد من الحديد والنار التي تحرق الصغير قبل الكبير، وليس بالعلم والمعرفة.

كان حافظ الأسد يخشى من تشكيل قاعدة شعبية واسعة لمحمد فارس في المستقبل.

ثالثاً - خوفاً من تشكيل قاعدة شعبية واسعة لمحمد فارس في المستقبل وخاصة من قبل الشريحة ذات الفكر العلمي، فيما أن العائد من الفضاء قام بعدة أبحاث علمية في:

- مجالات صناعية وجيولوجية وكيميائية وطبية وفي الرصد الفضائي والاستشعار عن بعد.

- تجربة حركة الدم في جسم الإنسان ومدى تأثرها بالأجواء المحيطة في الفضاء.

-تجربة مراقبة القلب بواسطة جهاز خاص لرصد وقياس التغيرات.

-تجربة مدى تأثير الفضاء على رواد الفضاء.

-تجربة خلط معدن الجاليوم ومعدن الأنتموان.

-تجربة خلط معدن الألمنيوم ومعدن الحديد.

-تجربة الموصلات الإلكترونية التي تدخل في مجال الصناعات الإلكترونية.

-تجربة دراسة الطبقات الجيولوجية للأرض في سوريا من ارتفاع 300 كم.

-تجربة دراسة الأحواض المائية في سوريا من الفضاء الخارجي.

-تجربة دراسة أنواع التربة.

-تجربة تركيب معادن صناعية للاستفادة منها صناعياً.

اكتسب محمد فارس شهرة عالمية وحصل على أرفع الأوسمة والدروع لإنجازاته.

رابعاً - رائد الفضاء محمد فارس أصبح أعلى درجة وأرفع مكانة لدى الاتحاد السوفييتي من حافظ حيث كرمه بعدة أوسمة لإنجازاته القيمة كوسام بطل الاتحاد السوفييتي في 30 تموز 1987 ووسام لينين، لتميزه في الإعداد والتدريب في مدينة النجوم في روسيا.

خامساً - لقد اكتسب محمد فارس شهرة عالمية حيث أطلقت صحيفة "غارديان" البريطانية عليه لقب "أرمسترونغ العرب"، فقد حلّق إلى الفضاء كـ رائد فضاء باحث وليس مشاركة فقط على متن مركبة الفضاء "Soyuz TM-3" في 22 تموز عام 1987، كـ جزء مِن الزيارة الأولى لـ طاقمها إلى محطة الفضاء الروسية المدارية "مير".

مجمل المدة التي قضاها في الفضاء سبعة أيام و23 ساعة وخمس دقائق، نظراً لتميزه في اجتياز الاختبارات بامتياز، وهذا لا يتناسب مع عقلية الديكتاتور حافظ الأسد.

أما على الصعيد الاجتماعي فإن لحافظ الأسد سوابق في (داء العظمة) التكبر على السوريين وحتى العظماء حيث يعتبر حافظ نفسه أنه هو (الشيخ أبو سليمان) الإله الأكبر على الأرض الذي تقمصت فيه روح الذات الإلهية، فقد أرعبته سابقاً صورة قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش التي كانت تنقش على أطباق نحاسية تراثية في الجنوب السوري (بمدينة السويداء)، فقامت مخابراته بمنعها ومحاربتها.

اللواء محمد فارس هو نموذج لكل ضابط من غير الدائرة الضيقة المغلقة الذي خدم في الجيش السوري.

لم يستطع الديكتاتور حافظ الأسد أن يخفي سلوكه من الغيرة والحسد وعقدة النقص تجاه محمد فارس ففضحته استفسارات الصحافة ونوادي الفضاء الكونية التي أصبحت تتساءل عن اختفاء محمد فارس.

كل هذه الممارسات التي هي ديدن منظومة حافظ الأسد الثيوقراطية ليس بالإمكان الحياد عنها، فحافظ الأسد كانت صورته الحقيقية مخفية عن عيون السوريين والتي كان يجملها بابتسامته العريضة الخبيثة التي تخفي خلفها كل أنواع السم الزعاف، قبل أن يكشفها محمد فارس بتوصيل صوته بعد انشقاقه إلى مسامع الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، لأن تعامله كضابط طيار رائد فضاء مع رأس الهرم الأكبر في سوريا، ولامست كلماته قلوبهم ومشاعرهم لأنه الرجل الذي تساءل عنه العالم بأسره، ألا وهي (صورة حافظ الحقيقية) التعامل الطائفي المقيت الموروث بالفطرة من سلالته التي تعتبر نفسها أكبر من سوريا الوطن.

الحقيقة أن حافظ وذريته لا يعجبهم السوري صاحب الكاريزما القوية الصلبة صاحبة القرار الحرة، ولا يعجبهم الرجال الأشداء، وإنما يعجبهم المتملق المنافق، والحقيقة كان كلام رائد الفضاء فارس مع حافظ الأسد، كلام رجل علم وفكر وواثق من نفسه صاحب تجارب علمية، فعمد إلى عزله تماماً عن العموم والإعلام، وهذا ما جعل حافظ الحاقد لا يستقبل فارس مع باقي رواد الفضاء الذين رافقهم برحلته معهم حيث أمر القصر الجمهوري بألا يحضر فارس اللقاء، وبقي الصحفيون يستفسرون عنه بعد أن انقطعت أخباره تماماً.

اللواء محمد فارس هو نموذج لكل ضابط من غير الدائرة الضيقة المغلقة الذي خدم في الجيش السوري، ولو كان من أبطال الجمهورية العربية السورية وحائزاً على أرفع الأوسمة العليا، فالمخطط الصندوقي للتوازنات الطائفية في جيش الأسد مرسوم ومصدق عليه من مجلس الطائفية العليا (بيد عائلة الأسد) وليس من المجلس العسكري السوري الأعلى.

 

 



إقرأ المزيد