جبل قاسيون.. من مربض لمدفعية الأسد إلى متنزه للسوريين
زمان الوصل -
"من قاسيون أطل يا وطني" بهذه العبارة تداول سوريون صورهم التذكارية التي التقطوها على جبل قاسيون بالعاصمة دمشق، احتفالا بصعودهم إليه للمرة الأولى منذ سنوات.
تلك القمة التي منع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد المواطنين من صعودها تستعيد عافيتها من جديد، إذ أمست مقصدا للزوار وفسحة يشاهدون من خلالها جمال العاصمة نهارا وسطوع أنوارها ليلا.
ومع عودة جبل قاسيون لعهده السابق، تحول إلى محطة لتجمع الأهالي في مناسباتهم الاجتماعية المختلفة، ومكانا يمنح الأمل للسوريين، بعد أن كانت منطقة عسكرية مليئة بمرابض المدفعية ومراكز لإنتاج البراميل المتفجرة.
الجبل الذي تغنى به الشعراء سابقا، وغنى في شموخه المغنون يستعيد ألقه، خاصة في ساعات المساء والسهر، ضمن إطلالة ساحرة على المدينة يستمتع زوارها بالمشهد الجميل.
وتسمع الأهازيج والأناشيد الثورية على سفح الجبل، إذ يعتبر السوريون الصعود إلى قمة قاسيون أحد إنجازات الثورة التي أطاحت بنظام الأسد بعد أكثر من 13 عاما على انطلاقها في مارس/ آذار 2011.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق عقب السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وبتكليف من قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، تدير حكومة برئاسة محمد البشير، مرحلة انتقالية بدأت في اليوم التالي للإطاحة بنظام بشار (2000-2024).
** إحياء عيد ميلاد
أحمد عبد العظيم من دمشق، أحد زوار الجبل، قال لمراسل الأناضول: "هذه أول زيارة لي منذ 14عاما، حيث كان القدوم إلى المنطقة ممنوعا من قبل النظام السوري البائد، أما الآن فأصبح بإمكاننا الصعود لنستمتع برؤية الشجر والجبل والشام (دمشق) كلها".
الرجل اعتبر أن "الإحساس صعب أن يوصف، إنه إحساس الحرية والقدرة على التجول في وطنك دون أن يعترضك أحد أو يضايقك، أو يفرض عليك واقع الرعب، إذ كنا مقموعين، حتى الخروج إلى هنا كان ممنوعا".
وتابع: "الحمد لله السعادة لا توصف، فالسوري اليوم يعيش أجواء الحرية، ونتطلع إلى اكتمال الفرحة بتمكن الحكومة الجديدة من تجاوز المرحلة الحالية والوصول بالبلاد إلى شاطئ الأمان".
وعن سبب زيارته، قال عبد العظيم: "بمناسبة عيد ميلاد أملي ابنتي، أحببت أن أحيي الاحتفال هنا بجبل قاسيون، واحتفلنا بها حيث أصبح عمرها 4 سنوات".
عبد العظيم تحدث عن المرحلة المقبلة، ووصفها بأنها "مليئة بالأمل"، وقال: "نتمنى لابنتي الحياة، الآن بات هناك أفق وأمل للمستقبل، حيث لم يكن هناك أمل في السابق، بل كان هناك تفكير بالسفر واللجوء إلى دول أخرى لأننا كنا ندرك أن لا مستقبل لنا".
أما الآن، يضيف عبد العظيم: "هناك أمل وهناك مستقبل، وإن شاء الله سوف يتم إعمار البلاد بأكملها بجهود أبنائها ومساعي الحكومة الجديدة".
وعن صعود السوريين إلى قاسيون، قال: "الجميع خرج من السجن للحرية، وكل فرد منا أصبح كالعصفور الذي فتح له باب القفص وطار إلى فضاء الحرية، ونأمل أن نصبح صقورا ونحلق جميعا في سماء سوريا وطننا الذي أعيد لنا".
من ناحيتها، قالت غالية شحادة رفاعي من دمشق، للأناضول: "هذه أول زيارة منذ 13 سنة، حيث كان الطريق مغلقا ولا نعرف السبب، ما نعرفه أن الصعود إلى قاسيون كان غير مسموح للأهالي".
وأضافت في هذا السياق: "الحمد لله، هناك تحسن وفرج من الله، وهناك راحة نفسية، ونأمل اكتمال فرحتنا بإعمار بلدنا".
أما الطفل سامر العظمة (12 عاما)، قال إنه سعيد جدا بالصعود إلى قمة الجبل، ووصف المكان بأنه "جميل"، وأردف: "نأتي ونلعب وتمضي وقتا مع الأصدقاء هنا".
** الحياة عادت
من ناحيتها تحدثت مايا سكري عن زيارتها مع ابنها موفق غابي إلى قاسيون، وأنها أول زيارة بعد 14 عاما، قائلة: "المكان جميل جدا، تشعر بأن الحياة عادت إليك من جديد، خاصة عندما نقف هنا ونرى هذه المناظر الجميلة من أعلى الجبل".
وتابعت سكري: "منذ زمن طويل لم نر هذا المشهد، حيث جلسنا واستمتعنا بالوقت ونسمات الهواء العليلة".
وعن وضع المنطقة قبل إسقاط نظام الأسد، قالت: "كانت الطرقات المؤدية إلى هنا مغلقة، ولا أحد يدري لماذا".
وأوضحت أن "نظام الأسد هو من أغلق هذه الطرقات، وكان الظلام يلف المكان، وبالتالي كانت الطرقات مرعبة وصعبة، ومن المحال القدوم".
وختمت قائلة: "أشعر أن البلاد عادت إلى حياتها تارة أخرى، وابني سعيد جدا بهذه الزيارة".
وعلى مدار سنوات الثورة، منع النظام السوري المخلوع المواطنين من الصعود إلى جبل قاسيون، وحوّله إلى مقر لإنتاج البراميل المتفجرة التي تسببت بمجازر كبيرة بصفوف الأبرياء.
وسبق أن رصدت عدسة الأناضول، منشأة إنتاج البراميل المتفجرة على جبل قاسيون، ويظهر عند مدخلها صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد، كما يمكن رؤية العديد من البراميل والمتفجرات والصواعق والمعادن المختلفة داخل المنشأة.
الأناضول


إقرأ المزيد