طمس للأدلة.. “متطوعون” يطلون جدران سجن في سوريا
عنب بلدي -

أعلن فريق يدعى “سواعد الخير” عن طلاء جدارن أحد سجون النظام السوري السابق، ما خلق حالة غضب واستنكار وانتقادات باعتبار أن هذا العمل “يطمس الأدلة والحقيقة، ويعمق من جراج ذوي الضحايا والمفقودين والناجين”.

وانتشر تسجيل مصور، الاثنين 13 من كانون الثاني، يظهر فتيات وشبانًا خلال دخولهم أحد السجون وطلاء جدرانه باللون الأبيض، ووضع رسومات مع عبارة “فتحت الأبواب وحلقت الأرواح” في داخل إحدى الزنزانات.

الفريق نشط على “فيس بوك” منذ 13 من كانون الأول 2024، أي بعد سقوط النظام بخمسة أيام، لكن تاريخ إنشاء الصفحة يعود لعام 2015.

ويعرّف الفريق عن نفسه بأنه “مجموعة تطوعية شبابية دون تمويل، هدفها إعمار سوريا، وتشجيع الشباب السوري على العمل التطوعي”، وأنشئ في اللاذقية.

بحسب رصد عنب بلدي، فإن الفريق حذف الفيديو المذكور، وحجب التعليقات عن أحدث المنشورات، كما حذف تسجيلًا مصورًا كان يظهر اجتماعًا لأعضائه في مقهى أو مطعم، من بينهم الإعلامي يزن فويتي.

عمل يزن باسم فويتي مذيعًا في “الفضائية السورية”، وينشط على وسائل التواصل ببعض التسجيلات المصورة.

في آب 2023، كان اسم فويتي من بين الفائزين في مسابقة بالمشاركة مع مجلس الأعمال الروسي- السوري ووزارة الإعلام السورية والسفارة السورية في موسكو ضمن البرنامج الحكومي الروسي (الجيل الجديد)، ومُنح زيارة لحضور ورشات عمل في القنوات التلفزيونية الروسية، وفق ما أعلنت عنه “الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون“.

تواصلت عنب بلدي مع فريق “سواعد الخير”، وطلبت توضيحات عن وجود تنسيق أو أخذ موافقة من الجهات الحكومية، وهوية السجن الذي اختاره الفريق، وآلية اختياره، ومن صاحب الفكرة، ولماذا اختار الفريق السجون لا أماكن أخرى، إلى جانب تفاصيل عن الفريق وعمله، وما رده على الانتقادات بأن ما حصل هو جريمة وطمس للأدلة؟ لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى لحظة نشر هذا الخبر.

فريق “سواعد الخير” يطلي جدران أحد السجون في سوريا – 13 كانون الثاني 2025 (سواعد الخير)

المحامي المختص بالقانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، اعتبر أن طمس الأدلة في مسرح الجريمة هو “جريمة حرب ضد الحقيقة والإنسانية”، تهدف إلى محو آثار الانتهاكات الجسيمة وحرمان الضحايا وذويهم من حقهم في العدالة.

وذكر عبر “فيس بوك” أن الجريمة لا تقتصر على محو الأدلة المادية مثل الوثائق أو البقايا، بل تمتد إلى محو الذكريات والشهادات التي تحملها تلك الأماكن، ما يسهم في طمس الحقيقة ومنع العالم من رؤية حجم المعاناة التي وقعت.

وأضاف أن هذه السجون والمواقع ليست مجرد جدران، بل هي شاهدة على تضحيات كبيرة وجرائم لا تُغتفر، ويجب أن تبقى هذه الأماكن حية في الذاكرة الجماعية كرمز للصمود وكمصدر للشهادات التي تدين مرتكبي الجرائم.

واعتبر أن إزالة هذه المعالم يعني قتل الأثر الأخير الذي يُذكر بضحايا “القمع والوحشية”، وحرمان الإنسانية من فرصة التعلم من هذه المآسي لضمان عدم تكرارها.

وتساءل الكيلاني عن كيفية السماح “لأولئك المتورطين أو المتواطئين بالدخول إلى مواقع السجون والمعتقلات، والعبث بما تبقى من معالمها؟”

مطالب بحفظ “مسارح الجريمة”

بعد ساعات من سقوط نظام بشار الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، انتشرت تسجيلات مصوّرة من داخل سجن “صيدنايا” والعديد من الفروع الأمنية الأخرى، لمقاتلين ومدنيين يتجولون بين رفوف حوَت وثائق وتقارير كتبت نهاية حياة عشرات آلاف السوريين، أو أدت إلى اعتقالهم ومعاملتهم بطريقة غير آدمية، ووثقت أيضًا أسماء المسؤولين عن ذلك.

وثائق مرمية على الأرض، وأخرى أخذها أشخاص سواء مدنيون أو عسكريون، ومن الممكن أن يكونوا من أركان النظام السابق، أدت إلى فقدان أو تلف وثائق وتقارير أمنية، ولم يُعرف حجم الفقدان حتى الآن.

وتتواصل مطالب منظمات حقوقية سورية ودولية من حكومة دمشق المؤقتة باتخاذ خطوات عاجلة لتأمين الأدلة على جرائم النظام السابق، وتأمين مواقع السجون المقابر الجماعية في جميع أنحاء سوريا، أبرزها منظمة العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” و”رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”.

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

مرتبط

إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى



إقرأ المزيد