السوريون يقبلون على ادخار الذهب رغم “جنون” أسعاره.. كم طنًا تم اكتنازها مؤخرًا؟
موقع الحل السوري الأخباري -

شهد سوق بيع الذهب في سوريا حالة من الرواج خلال الشهر الجاري، مع إقبال كثيرين على شراء مصوغات ذهبية استباقا لحدوث أي انخفاض في قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأخرى، ليكون وسيلة لحماية مدّخراتهم، خاصة وأن الذهب يُعد أداة فعّالة للتحوط ضد أخطار تآكل قيمة العملة الوطنية. 

وسجل الذهب في سوريا مستوى قياسيًا وغير مسبوق، ووصل سعر الغرام من عيار 21، الأربعاء الماضي، إلى 93.41 دولار، في حين بلغ سعر ليرة الذهب وهي المرغوبة للادخار من عيار 21 نحو 800 دولار. 

مخاوف بشأن قيمة العملة 

جاء الارتفاع غير المسبوق في سعر الذهب مدفوعاً بصعود سعر الأونصة بعدما لامس سعرها 3500 دولار في الأسواق العالمية، ومتأثراً بتذبذب سعر الدولار محلياً والذي يأخذ مساراً تصاعدياً أمام الليرة السورية، وسط توقعات بوصوله إلى 15 ألف ليرة تقريباً نتيجة بدء عمليات جني الأرباح. 

ويرجع سبب الإقبال على ادخار الذهب إلى الخوف من خسارة وانخفاض قيمة العملات المتداولة كالليرة التركية والدولار، والرغبة باقتناء قطع مستعملة بصياغة قليلة لتفادي الخسارة. 

وقد بلغت نسبة شراء الذهب خلال الأيام الأخيرة نحو 70 بالمئة مقابل 30 بالمئة للبيع، بحسب جمعية الصاغة في دمشق، في ظل توقعات بحدوث تراجع طفيف في أسعار المعدن الأصفر على المدى القصير نتيجة لعمليات جني الأرباح، واستمرار ارتفاع أسعاره على المدى البعيد. 

ملاذ آمن للسوريين 

الرئيس السابق لجمعية الصاغة في دمشق، جورج صارجي، توقّع أن يشهد المعدن الأصفر مزيداً من الارتفاع في العالم، بل تنبأ أن يواصل سعر الأونصة الارتفاع، من دون أن يستبعد وصولها إلى 5000 دولار العام المقبل، نتيجة التوترات الجيوسياسية والظروف الاقتصادية والحرب التجارية العالمية والميل المتزايد للادخار بالذهب في مختلف دول العالم. 

الذهب هو الملاذ الآمن والوعاء الادخاري الأفضل حالياً ولفترات طويلة مقبلة، وأنصح السوريين بشراء الذهب والتخلي عن الادخار بالدولار، خصوصاً في ظل تذبذب أسعار الصرف وتوقف عمليات بيع وشراء العقارات والأراضي وعدم وجود بورصة حالياً، إلى جانب الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمرّ بها سوريا والمنطقة. 

الرئيس السابق لجمعية الصاغة في دمشق، جورج صارجي

وتوقع صارجي تجاوز سعر غرام الذهب عيار 21 في سوريا الـ 100 دولار قريباً، مرجعًا السبب إلى المسار التصاعدي لسعر صرف الدولار وسط توقعات متخصصين ماليين بوصول الدولار إلى 15 ألفاً بحلول الصيف نتيجة بدء عمليات جني الأرباح. 

ووفقًا لأحدث بيانات موقع “الليرة اليوم”، سجل سعر الدولار، الإثنين، 11,500 للشراء، و11,600 للمبيع، بينما يستمر “مصرف سوريا المركزي” في تثبيت سعر الصرف عند 12 ألفا لدى الشراء، و12,120 ليرة عند البيع، وفق نشرته الصادرة اليوم.  

حجم الذهب المُكتنز لدى السوريين 

قال صارجي، إنه ما دام الدولار يرتفع فسيبقى الذهب يرتفع، حتى لو لم ترتفع الأونصة عالميًا، مشيراً إلى ميل السوريين التاريخي لشراء ليرات الذهب عيار 21 وعلى نطاق محدود السبائك وتفضيلها على الذهب المشغول نتيجة ارتفاع أجور صياغته، مما يتسبب في خسارة عند البيع ووصل سعر الليرة الذهبية إلى 800 دولار. 

وتبلغ أجور صياغة الغرام من الذهب الجديد بين 3 و5 دولارات، أما المستعمل فتتراوح بين دولار و3 دولارات، بحسب نظافة القطعة وطريقة صياغتها أو زخرفتها. 

وبالنسبة لتقديراته لحجم الذهب المكتنز لدى السوريين، كشف أنه قيمته تقدر بـ 10 أطنان، مرجعاً ذلك إلى ميل السوريين، خصوصاً النساء للادخار بالذهب، بل إن كثيراً من السوريين يعمدون إلى تحديد المهور بالذهب للحفاظ على قيمته. 

في حين قدر كميات الذهب الموجودة لدى الصاغة بما بين 30 و40 طناً، إذ نجد صائغاً يعمل بكيلو ذهب واحد وآخر يعمل بـ 300 كيلو، كلاً بحسب إمكاناته، متوقعاً أن تشهد البلاد خلال الفترة المقبلة افتتاح فروع لماركات عالمية تعمل بالذهب والألماس. 

في سياق متصل كشف صارجي عن توجه فئة من السوريين، خصوصاً النساء إلى اكتناز الألماس، مقدراً كميات الذهب المرصع بالألماس المدخرة لدى السوريين بطنّ واحد، موضحاً أن سعر الألماس يختلف بحسب لونه ودرجة النقاء التي يتمتع بها، وبصورة عامة يفضل مقتنو الألماس السوريون من الأثرياء “الحجر الأخضر والأبيض”. 

بديل آمن لادخار الدولار  

قال أصحاب محال صاغة، إن أسواق الذهب العالمية شهدت ارتفاعات غير مسبوقة خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الشهرين، في وقت يُعد الذهب الملاذ الأكثر أمنًا لمدّخرات السوريين، في ظل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد. 

وشددوا على أن زيادة الطلب على الذهب محلياً أمرٌ حتمي، وبات الادخار بالذهب على صورة “ليرات أو أونصات محلية” هو الاختيار الصحيح لحفظ المدخرات من تراجع القوة الشرائية، إلى جانب جني أرباح مستقبلية، مشيرين في هذا السياق إلى تخلي كثير من السوريين عن الادخار بالدولار لمصلحة الذهب باعتباره يحقق أرباحاً ويحمي المدّخرات من الأخطار. 

المجتمع المحلي يثق بشكل أكبر بالذهب كسلعة غالية الثمن وسهلة الحمل للادخار، وذلك بسبب ما واكبه من صراعات وحروب وتهجير، وعلى الرغم من انتهاء الحرب بسوريا، فإن شبحها العالمي لا يزال حاضرًا. 

أحد الصاغة

وقال الصائغ، إن إقبال السوريين على المبيع ضعيف مقارنة بالشراء، بعد ظهور عدة تقارير تشير لمواصلته الارتفاع وتخطيه أعتاب الـ 100 دولار للغرام الواحد في الفترة المقبلة، وبالتالي فإن البيع سيعرض صاحبه لخسارة مالية هو بغنى عنها. 

يُذكر أن احتياطات الذهب في سوريا بلغت متوسط 25.85 طن من عام 2000 حتى عام 2024، ووصلت إلى أعلى مستوى على الإطلاق حيث سجّلت 25.91 طن في الربع الثاني من عام 2000، ووصلت إلى أدنى مستوى قياسي بلغ 25.80 طن في الربع الرابع من عام 2020. 



إقرأ المزيد