“دعاة سلفيون” يطلقون حملات متشددة داخل الجامعات السورية
موقع الحل السوري الأخباري -

مجددا، وفي مشهد يعيد إلى الواجهة مخاوف السوريين بشأن الحريات نتيجة تزايد الحملات الدينية المتشددة، شهدت جامعة دمشق نشاطا لمجموعة من السوريين وُصفوا بأنهم “دعاة سلفيون”، أطلقوا حملة دعوية تحت عنوان “خير أمة”.

وتضمنت الحملة لصق منشورات تروّج لأفكار ذات خلفيات دينية راديكالية على مباني ومرافق كلية الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة، بالإضافة إلى المعهد العالي ومحيطه في جامعة دمشق.

وقد أثار هذا النشاط استياءً وجدالات واسعة في الأوساط السورية، وسط تحذيرات من مخاطر تغلغل الفكر المتشدد في الحرم الجامعي، في وقت تعاني فيه البلاد أزمات اجتماعية وسياسية معقدة.

حملات دعوية

هذه الحملة الدعوية ليست الأولى، ففي شهر آذار/مارس الفائت، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأشخاص بسيارات تسمى بـ”سيارات الدعوة” يتجولون في شوارع عدة مناطق بدمشق، مثل الدويلعة وباب شرقي، والتي تضم نسبة كبيرة من المسيحيين.

حملة “خير أمة” في كليات جامعة دمشق- “سوشيال ميديا”

وهذه السيارات مُجهزة بمكبرات صوت تبث أناشيد أو خطبا دينية تدعو إلى اعتناق دين الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية.

وأثارت هذه الدعوات الدينية جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما تسببت أحيانا أخرى بمواجهات وشجارات على الأرض، حيث طرد بعض السوريين هؤلاء الدعاة من الشوارع، واصفين إياهم بـ”السلفيين”.

وواقع الحال، وبمثل خصوصية المجتمع السوري ككل تثير هذه الدعوات الدينية مخاوف عديدة بشأن الحريات، حيث يخشون من تأثيرها على التنوع الاجتماعي والهوية الثقافية للمناطق أو للمدينة بأكملها.

وحول الحملة الدعوية التي حملت عنوان “خير أمة” واستهدفت كليات جامعة دمشق، انتقد العديد من السوريين هذه الحملة، معتبرين أنها تدخل في حريات الناس. وأكدوا أن الجامعات هي أماكن للتعليم والمعرفة وليس لنشر أفكار دينية متشددة. 

كما حذروا من أن التسامح مع الأدلجة والإرهاب الاجتماعي الديني قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات ويحرق البلد الذي هو شبه مدمر بالكامل.

وعلّق أحدهم قائلا: “اكفوا بلاكم وجهلكم عن الجامعات والمدارس يا حضرات السلفية مدّعي الإيمان والطهارة”، بينما كتب آخر بشكل ساخر: “عااادي… هي أولى الخطوات لنصير سنغافورة”.

مما لا شك فيه، أن انتشار الحملات الدينية المتشددة في سوريا، يشكل تهديدا خطيرا للمجتمع السوري المتنوع، حيث إن هكذا حملات دعوية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الاستقطاب والانقسام بين مختلف مكونات المجتمع السوري، ويعزز من القوى التي تسعى إلى إحداث الفتنة والطائفية بين المكونات السورية العديدة والتي تشهد توترا في الأساس.

مظاهر سابقة

في كانون الثاني/يناير الفائت، انطلقت مجموعات من الأفراد في جولات دعائية تحمل رسائل تدعو إلى الإسلام والحجاب، في عدد من أحياء مدينة دمشق، وهو ما اعتبر مشهدا غير مسبوق في عموم سوريا.

ومن بين هذه الحملات، بحسب مقاطع فيديو منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك، أشخاص يتجولون في أحد شوارع حي القصاع ذي الأغلبية المسيحية في دمشق، ويطالبون باعتناق الإسلام والإقلاع عن التدخين والفصل بين الجنسين، ما أحدث مشاجرة بينهم وبين أهالي الحي المسيحي، ما استدعى تدخل قوى الأمن العام.

كما انتشر فيديو لرجل يحمل القرآن بين يديه ويدعو إلى اعتناق دين الإسلام في حي باب توما ذات الأغلبية المسيحية، الأمر الذي أثار انتقادات لاذعة من قبل مجموعة من السوريين، حيث اعتبروا ذلك يتعارض مع الحريات والخصوصيات الدينية.

من جانبها، تقول القيادة الجديدة في دمشق، إن هذه “حالات فردية” وليست منظمة. وربما هؤلاء الأشخاص ينشطون دون أخذ موافقات رسمية من الجهات المعنية، إلا أنها تحصل.

في العموم، من الضروري أن تقوم السلطات السورية الجديدة بأخذ إجراءات عاجلة للحد من هكذا نشاطات دينية متشددة، بل يجب أن تدعم وتشجع منظمات المجتمع المدني لتعزيز ونشر ثقافة التسامح واحترام التنوع، بغية دعم السلم الأهلي بعموم البلاد.



إقرأ المزيد