المطبخ الحلبي.. تراث موثق في أقدم الكتب العربية
الأنباء -

يعتبر المطبخ الحلبي واحدا من أعرق المطابخ في العالم العربي، ليس فقط لغناه وتنوع أطباقه، بل لكونه موثقا في مصادر تاريخية تعود إلى قرون، ما يجعله جزءا أصيلا من التراث الحضاري للمدينة، بحسب ما أورده مؤرخون وكتاب طبخ في العصرين العباسي والأيوبي.

ويؤكد الباحثون أن موقع حلب على طرق التجارة القديمة، جعل مطبخها نتاج تفاعل حضاري بين المطبخ الشامي والتركي والهندي والأرمني، وهو ما انعكس على تنوع النكهات وثراء الوصفات، وفق ما تشير إليه كتب الطبخ التاريخية، بحسب ما نقلت وكالة «سانا».

توثيق المطبخ الحلبي في العصر الأيوبي

يعتبر كتاب «الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب» للمؤرخ الحلبي كمال الدين ابن العديم في القرن الثالث عشر الميلادي، المصدر الأكثر ارتباطا بالمطبخ الحلبي، إذ أورد ابن العديم في كتابه وصفات متنوعة لأطعمة كانت شائعة في حلب خلال العصر الأيوبي، موثقا طرق الطهي، واستخدام التوابل، بل وتناول أيضا صناعة العطور والمستحضرات الطبية، ما يدل ـ بحسبه ـ على ارتباط الطعام بالصحة والرفاه الاجتماعي آنذاك.

تأثير المطبخ العباسي والأندلسي في حلب

وفي السياق نفسه، يشير مختصون إلى أن المطبخ الحلبي تأثر ـ وأثر ـ بالمطبخ العباسي، وهو ما توضحه كتب الطبخ البغدادية القديمة، حيث أورد ابن سيار الوراق في كتابه «الطبيخ» أكثر من 600 وصفة موزعة على 132 فصلا، تناولت أطعمة كانت رائجة في بغداد خلال القرن العاشر الميلادي، مع نصائح غذائية وصحية، وهي وصفات يرجح الباحثون انتقالها إلى مدن كبرى مثل حلب بفعل التواصل الثقافي داخل الدولة الإسلامية، كما وثق محمد بن الحسن البغدادي في كتابه «الطبيخ» وصفات مشابهة تعكس مستوى التطور الذي بلغه فن الطهي في تلك المرحلة.

من جهة أخرى، أورد ابن رزين التجيبي في كتابه «فضالة الخوان في طيبات الطعام والألوان»، وصفا دقيقا للمطبخ الأندلسي والمغربي في القرن الثالث عشر، ورغم البعد الجغرافي، إلا أن الباحثين يرون ـ كما تشير نصوص الكتاب ـ تقاطعا واضحا في استخدام المكونات والتوابل مع المطبخ الحلبي، نتيجة انتقال السلع والأفكار عبر طرق التجارة.

أطباق حلبية ذات جذور تاريخية

تجمع المصادر التاريخية على أن المطبخ الحلبي تميز باستخدام لحم الضأن، البرغل، زيت الزيتون، والتوابل المركبة.

وتبقى الكبة الطبق الأشهر، حيث أوردت المصادر المحلية تعدد أنواعها وطرق تحضيرها، من الكبة اللبنية إلى السفرجلية والمشوية.

كما اشتهرت حلب بالمحاشي، ولاسيما اليبرق، حتى لقبت تاريخيا ب«أم الكبب والمحاشي»، وفق ما تناقلته كتب التراث الشعبي.

أما الحلويات الحلبية، فقد ارتبطت ـ بحسب المصادر ـ باستخدام الفستق الحلبي والسمن البلدي، ما منحها مكانة خاصة بين الحلويات الشرقية.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أدرجت عام 1986 مدينة حلب القديمة على لائحة التراث العالمي، معتبرة إياها نموذجا فريدا لمدينة تاريخية متكاملة، تضم طبقات حضارية متعاقبة من العصور الحيثية، والهلنستية، والرومانية، فالبيزنطية، وصولا إلى الفترات الإسلامية المختلفة، كما ورد في تقرير المنظمة حول المواقع التراثية في سورية.



إقرأ المزيد