مجلة “الإيكونوميست” تختار سوريا دولة العام 2025
عنب بلدي -

اختارت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية سوريا لتكون “دولة العام 2025″، وذلك في تقليدها السنوي الذي يركز على الدولة التي شهدت أكبر تحسن خلال العام.

وتم اختيار سوريا في عدد المجلة الصادر الخميس 18 من كانون الأول، على أساس التحسن السياسي الذي شهدته البلاد بعد سنوات من الحرب والدكتاتورية، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

وحصدت الحرب التي استمرت في سوريا على مدى أكثر من 13 عامًا أرواح أكثر من نصف مليون شخص، ، بحسب المجلة، استخدمت قوات الأسد المخلوع خلالها الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة عشوائيًا ضد المدنيين، وفر أكثر من ستة ملايين شخص من البلاد.

وأجبر “الطاغية”، بحسب وصفته المجلة لبشار الأسد، على الفرار في 8 من كانون الأول 2024، بعد أن استولت المعارضة على السلطة.

وأوضحت “الإيكونوميست” أنه عندما كانت تختار دولة العام الماضي، كان من السابق لأوانه تكوين فكرة عن شكل سوريا الجديدة، التي حكمها أحمد الشرع (الجهادي السابق وفق وصف المجلة)، وخشي الكثيرون من أن يفرض نظامًا دينيًا إسلاميًا متشددًا، أو أن تنزلق سوريا إلى الفوضى.

وأضافت، “في الواقع، لم يحدث أي من ذلك، فالنساء لسن ملزمات بتغطية أجسادهن أو البقاء في المنزل، يسمح بالترفيه، وبالتأكيد، بتناول الكحول”، لافتة إلى أن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية حقق سلسلة من المفاجآت الإيجابية، إذ حافظ على وحدة البلاد وأقام علاقات طيبة مع أمريكا ودول الخليج، ومع تخفيف العقوبات الغربية، بدأ الاقتصاد بالتعافي أيضًا.

ونوهت المجلة إلى أن سوريا لا تزال تواجه تحديات جسيمة، منها ما ارتكبته “الميليشيات المحلية” (“مجزرتان بحق الأقليات” في إشارة إلى أحداث الساحل والسويداء) أسفرتا عن مقتل نحو ألفي شخص، مشيرة إلى أن استمرار حكم الشرع بالطريقة القبلية في بلد “هش” يجعل الأمور تزيد سوءًا.

ومع ذلك، صنفت “الإيكونوميست” سوريا في عام 2025 على أنها الأكثر سعادة وسلامًا بكثير مما كانت عليه في عام 2024، فلم يعد الخوف مسيطرًا على الجميع، وذكرت أن “الحياة ليست سهلة، لكنها طبيعية إلى حد ما بالنسبة لمعظم الناس، فقد عاد نحو ثلاثة ملايين سوري إلى ديارهم، معبرين عن رأيهم بالهجرة. ونحن أيضًا نختار سوريا”.

السياق العالمي.. تحديات الدول الأخرى

يأتي اختيار سوريا في ظل عام عالمي مضطرب، حيث عطّل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التجارة العالمية، وألحقت صراعات مدمرة أضرارًا بمناطق مثل غزة والسودان، بحسب المجلة.

ومع ذلك، تمكنت عدة دول من تجاوز هذه الصعوبات، مثل كندا التي اختارت رئيس وزراء تكنوقراطيًا رصينًا، ومولدوفا التي رفض الناخبون فيها حزبًا مواليًا لروسيا، في وقت توصل فيه ترامب إلى هدنة هشة بين إسرائيل والفلسطينيين.

كما تعافت كوريا الجنوبية من تهديد خطير لديمقراطيتها، بعدما حاول الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية وإغلاق البرلمان، لكن البرلمان والمؤسسات والمظاهرات الشعبية حالت دون ذلك، وتمت محاكمة الرئيس السابق المدان بالتحريض على الفتنة.

وكانت البرازيل مثالًا آخر على صرامة المؤسسات في مواجهة الانقلابات، فقد حكمت محكمة بالبرازيل بالسجن 27 عامًا على الرئيس السابق، جاير بولسونارو، لمحاولته قلب النظام بعد خسارة الانتخابات عام 2022، فيما نجحت الحكومة في الحد من إزالة الغابات في الأمازون، رغم تلطخ سجلها بسبب سياساتها الخارجية الموالية للكرملين.

منافسة الأرجنتين

أما المنافس الأبرز لسوريا فكانت الأرجنتين التي حصلت على لقب “دولة العام 2024” بعد أن شهدت تحسنًا اقتصاديًا ملحوظًا بفضل إصلاحات جذرية للسوق الحرة بدأها الرئيس، خافيير ميلي، منذ عام 2023، تضمنت إلغاء ضوابط الأسعار، وكبح الإنفاق، والتخلي عن الدعم المشوه، مدعومة بمساعدات أمريكية بقيمة 20 مليار دولار أمريكي.

وقد أسهمت هذه الإجراءات في خفض التضخم من 211% عام 2023 إلى نحو 30% في 2025، وانخفاض معدل الفقر بمقدار 21 نقطة مئوية، مع السيطرة على العجز المالي.

ورغم المخاطر التي تهدد التجربة الأرجنتينية بسبب عودة القوى القديمة أو الفضائح المحتملة، فإن استمرار الإصلاحات يمكن أن يغير مسار البلاد اقتصاديًا ويمنح الأمل للمصلحين حول العالم.

تأسست مجلة “الإيكونوميست” في لندن عام 1843، وهي واحدة من أبرز المجلات الاقتصادية والسياسية في العالم.

ويعد من أبرز تقاليدها السنوية اختيار دولة العام”، وهو حدث ينتظره القراء والمحللون على حد سواء، إذ يسلط الضوء على الدولة التي شهدت أكبر تحسن في مختلف المجالات، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، بدلًا من اختيار الأكثر سعادة أو الأكثر نفوذًا.

هذا التقليد يمنح القراء فرصة لمراجعة النجاحات والإصلاحات التي يمكن أن تكون نموذجًا للدول الأخرى.

مرتبط

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى



إقرأ المزيد