تحليل لـCNN: لماذا أصبحت تسلا في وضع "أسوأ مما تظن"؟
موقع سي ان ان بالعربية -

تحليل بقلم كريس إيزيدور من شبكة CNN

(CNN)--  لا شك أن الأمور سيئة في شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية، فمبيعاتها تتضاءل، وأرباحها تتراجع، وكذلك سعر سهمها، وكذلك  هناك احتجاجات منتظمة أمام صالات عرضها، وسيارتها سايبرترك فاشلة ولسبب ما، هي في الواقع أسوأ من ذلك بكثير.

وربما طغى إعلان الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك عن تنحيه عن مهامه المثيرة للجدل في وزارة كفاءة الحكومة على انخفاض صافي الدخل بنسبة 71٪ الذي أعلنت عنه الشركة مؤخرًا.

 لكن هذا الانخفاض ليس سوى مؤشر واحد على تدهور مالي خطير تعاني منه شركة صناعة السيارات الكهربائية، وهي مشاكل ناجمة عن انخفاض المبيعات لأول مرة في تاريخها وانخفاض أسعار السيارات الكهربائية.

ومشكلة تسلا المالية تكمن في تلاشي صافي أرباحها. 

قد يهمك أيضاً

ويُظهر تحليل أعمق لتقريرها للربع الأول أنها تخسر الآن أموالًا فيما كان يُفترض أن يكون سبب وجودها - بيع السيارات.

 ولم تتمكن الشركة من تحقيق ربح سوى 409 ملايين دولار في الربع الأول بفضل بيع 595 مليون دولار من الاعتمادات التنظيمية لشركات صناعة السيارات الأخرى.

ولكن إذا نجحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مسعاها، فيمكن للشركة أن تودع هذه الاعتمادات التنظيمية، مما يضمن لها وضعًا ماليًا مستقرًا.

كما تواجه الشركة ارتفاعًا محتملًا في التكاليف بسبب الرسوم الجمركية التي تفرضها إدارة ترامب على قطع غيار السيارات المستوردة، والتي حتى ماسك صرّح بأنها "قد تكون كبيرة"، وإن كانت أقل من بعض المنافسين.

وتتراجع المبيعات جزئيًا بسبب المنافسة المتزايدة من عروض السيارات الكهربائية من شركات صناعة السيارات الأخرى، وخاصة في الصين. 

وتنخفض مبيعات تسلا في كل من أوروبا والصين، حتى مع زيادة مبيعات السيارات الكهربائية الإجمالية في تلك الأسواق الرئيسية.

 والشركة كذلك على وشك فقدان لقبها الذي احتفظت به طويلًا كأكبر بائع للسيارات الكهربائية في العالم لصالح شركة صناعة السيارات الصينية BYD.

لكن تسلا تتأثر أيضًا بأنشطة ماسك السياسية، بدءًا من قيادة الجهود الرامية إلى خفض صلاحيات الحكومة الفيدرالية بشكل كبير وصولًا إلى دعم الأحزاب اليمينية المتشددة حول العالم، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) في ألمانيا.

 حتى أن بعض مُحبي تسلا في وول ستريت يعتقدون أن الضرر الذي لحق بالعلامة التجارية قد يكون طويل الأمد، على الرغم من ادعاء ماسك بأنه ينوي التراجع عن دوره الحكومي.

ماسك: تسلا ليست على حافة الهاوية

ينفي ماسك فكرة أن الشركة تُعاني من ضائقة مالية خطيرة، وقال للمستثمرين في مؤتمر عبر الهاتف بشأن أداء الشركة والأرباح، الثلاثاء: "لقد مررنا بالعديد من الأزمات على مر السنين، وكنا في الواقع... على حافة الهاوية - على الأقل، ربما عشرات المرات".

 وأضاف: "هذه ليست واحدة من تلك الأوقات، لسنا على حافة الهاوية، ولا حتى قريبين منها، وهناك بعض التحديات، وأتوقع أن يشهد هذا العام بعض العقبات غير المتوقعة، لكنني ما زلت متفائلاً للغاية بشأن مستقبل الشركة".

ولكن ما لم يُناقش في المؤتمر هو رغبة إدارة ترامب في التخلص من قواعد الانبعاثات التي تُفضل شركات صناعة السيارات التي تبيع السيارات الكهربائية.

كما أنها تريد إنهاء حق كاليفورنيا و8 ولايات أخرى في المطالبة بلوائح انبعاثات أكثر صرامة من المعايير الفيدرالية التي من شأنها حظر بيع المركبات التي تعمل بالبنزين بحلول 2035. 

فبدون قواعد انبعاثات صارمة، لن تكون هناك مبيعات الاعتمادات التنظيمية التي تلزم الولايات شركات السيارات ببيع أوشراء نسبة من المركبات عديمة الانبعاثات، وكان بيع هذه الاعتمادات مربحًا للغاية لشركة تسلا، حيث حقق إيرادات بلغت 8.4 مليار دولار منذ بداية 2021 وحده، وهي أموال ذهبت مباشرةً إلى صافي أرباحها.

واعتمدت تسلا طوال معظم تاريخها على مبيعات هذه الاعتمادات لأنها كانت تخسر المال في سياراتها ومنتجات الطاقة الشمسية ولكن منذ الربع الثاني من 2021، كانت تحقق أرباحًا في كل ربع سنة حتى بدون مبيعات الاعتمادات التنظيمية حتى الربع الأخير تحديدا.

هوامش الربح تتقلص

كما يتقلص هامش المنتج الرئيسي، ففي الربع الأول، لا يشمل هذا المقياس، هامش الربح الإجمالي للسيارات، مبيعات الاعتمادات التنظيمية فحسب، بل العديد من النفقات الأخرى، وبلغ هامش الربح 12.5% ​​في الربع الأخير، بانخفاض عن أعلى مستوى له عند 30% في الربع الأول من 2022.

وكانت آخر مرة سجلت فيها تسلا هامش ربح منخفضًا كهذا في أوائل  2012، وفقًا لبحث أجرته مورغان ستانلي، عندما كانت الشركة في بداياتها ولم تكن تبيع سوى 5600 سيارة سنويًا، أي ما يقارب متوسط ​​مبيعاتها اليومية في العام الماضي.

وبلغ هامش الربح 30% في 2022، مما جعلها أكثر شركات صناعة السيارات ربحية في البلاد، على الرغم من أنها لا تزال تبيع جزءًا ضئيلًا من السيارات التي تبيعها جنرال موتورز أو فورد أو ستيلانتيس.

وبفضل مزيج الأرباح الجيدة ونمو مبيعات تسلا بنسبة تتراوح بين 37% و87% سنويا، ارتفعت أسهم الشركة إلى عنان السماء.

 وهذا ما جعلها شركة صناعة السيارات الأكثر قيمة على هذا الكوكب بفارق كبير، وجعل ماسك أغنى شخص.

لكن المبيعات تراجعت بشكل حاد العام الماضي، مسجلةً أول انخفاض سنوي لها في تاريخها. 

وكان جزء من ذلك مدفوعًا بالمنافسة المتزايدة من عروض السيارات الكهربائية من شركات صناعة السيارات الأخرى، وخاصة في الصين، وجزئيًا بسبب رد الفعل العنيف من بعض المشترين الذين انزعجوا من سياسة ماسك المحافظة والمتشددة بشكل متزايد.

مواقف سياسية "مثيرة للجدل"

حتى بعض المتفائلين بشأن سهم تسلا يعتقدون أن هناك ضررًا دائمًا لحق بعلامتها التجارية، لكنهم يعتقدون أن الشركة ستستفيد من إطلاق سيارات "الأجرة الآلية" (التاكسي الآلي) التي ستوفر رحلات ذاتية القيادة لمستخدمي خدمة طلب سيارات الأجرة الجديدة التي تقول تسلا إنها على وشك إطلاقها في مدينة أوستن بولاية تكساس.

وبدا أن وزارة النقل الأمريكية منحت جهود تسلا في مجال القيادة الذاتية دفعة قوية الخميس بإعلانها عن "إطار عمل للسيارات ذاتية القيادة"، والذي يتضمن "إزالة الحواجز التنظيمية غير الضرورية" وإتاجة البيع التجاري للمركبات ذاتية القيادة.

 واعتبر المستثمرون ذلك مؤشرًا آخر على اتخاذ إدارة ترامب خطوات لمساعدة تسلا، حيث ارتفعت أسهمها بنسبة 10%  الجمعة لكن هذا الإطار لا يضمن نجاح جهود القيادة الذاتية التي طال انتظارها.

وعود  ومشاكل  سيارات الأجرة الآلية

يزعم ماسك أن هذه الخدمة، وإطلاق الروبوتات البشرية التي يقول إنها ستعمل في مصانع تسلا في وقت لاحق من هذا العام، سيجعلان تسلا تساوي أكثر من 5 شركات عالمية من حيث القيمة مجتمعة.

ولا يزال مُحبو السهم يؤمنون بالمستقبل الذي يتوقعه ماسك، حتى وإن لم يكن بعضهم متفائلاً بشأن الجدول الزمني.

ويُرجع جين مونستر، الشريك الإداري في شركة ديب ووتر لإدارة الأصول، انخفاض هوامش الربح جزئيًا إلى انخفاض المبيعات، وجزئيًا إلى زيادة قدرها 250 مليون دولار في البحث والتطوير.

وقال إن " هذا عام صعب، لكنهم يُمهدون الطريق لما يُتوقع أن يكون تحسينات في العام المقبل"، ويتفق مع رؤية ماسك بأن تسلا في وضع جيد يُمكّنها من الاستفادة من الاستحواذ على حصة كبيرة من سوق خدمات النقل التشاركي.

لكن جنرال موتورز تخلت مؤخرًا عن عرضها لسيارات الأجرة الآلية بعد أن خلصت إلى أن "الوقت والموارد الكبيرة اللازمة لتوسيع نطاق العمل، إلى جانب سوق سيارات الأجرة الآلية الذي يشهد تنافسًا متزايدًا" لا يدعمان جدوى المشروع.

 كما تراجعت فورد بشكل كبير عن جهودها في تطوير المركبات ذاتية القيادة بعد أن خلصت إلى أنها لن تُحقق أرباحًا في أي وقت قريب.

وقال الرئيس التنفيذي لفورد جيم فارلي: "لا يزال تحقيق مركبات مربحة ذاتية القيادة بالكامل على نطاق واسع أمرًا بعيد المنال".

ووعد ماسك منذ 6 سنوات على الأقل بأن سيارات الأجرة الآلية من تسلا ستُطلق خلال عام تقريبًا، وحتى هو يُقر بأن الشركة لم تُحقق توقعاتها السابقة بشأن الجدول الزمني لقدراتها "ذاتية القيادة الكاملة".



إقرأ المزيد