الحكومة اللبنانية تقر أهداف "الورقة الأميركية" لنزع سلاح حزب الله
إيلاف -

واصلت الحكومة اللبنانية الخميس البحث في نزع سلاح حزب الله، بعدما كلّفت الجيش بإعداد خطة لذلك لتطبيقها قبل نهاية العام، في خطوة يرفضها الحزب، المدعوم من طهران، رفضا مطلقاً.

وتناول اجتماع اليوم الذي استمر لأكثر من أربع ساعات في القصر الجمهوري، مضمون مذكرة حملها المبعوث الأمريكي توم باراك الى المسؤولين اللبنانيين، تتضمّن خصوصا جدولا زمنيا وآلية لنزع سلاح الحزب الذي كان قبل المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في لبنان.

وأعلن وزير الإعلام بول مرقص بعد انتهاء الاجتماع الموافقة على المقدمة الواردة في الورقة الأمريكية، دون التطرق الى البنود المتعلقة بالمراحل الزمنية لنزع السلاح.

وتضم المقدمة 11 نقطة، تحت عنوان "الأهداف"، ينص أبرزها على "ضمان ديمومة وقف الأعمال العدائية" بين لبنان واسرائيل، و"الانهاء التدريجي للوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها حزب الله، في كافة الأراضي اللبنانية"، إضافة الى نشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية والمواقع الداخلية الأساسية، وانسحاب اسرائيل من النقاط الخمس التي تقدمت اليها خلال الحرب.

وتأتي هذه الجهود الحكومية على الأرجح استجابةً لضغوط أمريكية في اتجاه الانتهاء من هذه الخطة قبل نهاية هذا العام.

إضافة إلى الضغوط الأمريكية، هناك مخاوف حيال إمكانية توسع إسرائيل في ضرباتها في لبنان رغم اتفاق وقف إطلاق النار. ويرجح أن هذين العاملين كانا وراء إعلان رئيس وزراء لبنان نواف سلام تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر سلاح حزب الله قبل نهاية هذا العام.

وشدد التكليف الحكومي على أن تكون هذه الخطة "بيد الجهات المحدّدة في إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية وحدها، على أن يتم عرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من شهر أغسطس/ آب الجاري لنقاشها وإقرارها".

خطة أمريكية

تضمّ مذكرة باراك وفق ما نشرته وكالة الأنباء اللبنانية الخميس، أحد عشر بنداً بداية من تنفيذ لبنان لوثيقة الوفاق الوطني المعروفة بـ"اتفاق الطائف" والدستور اللبناني وقرارات مجلس الأمن وفي مقدمها القرار 1701، والانهاء التدريجي للوجود المسلح الجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها "حزب الله"، في كافة الأراضي اللبنانية، وصولا الى انتشار القوات اللبنانية الشرعية على مراحل في كل مناطق سيطرته، وتعزيز مراقبة الحدود. وتنص كذلك على انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تقدمت اليها خلال الحرب.

وقال مرقص إن الحكومة تنتظر "الخطة التنفيذية" التي كلّفت الجيش إعدادها قبل نهاية الشهر الحالي لحصر السلاح بيد القوى الشرعية، قبل أن تشرع في بحث وإقرار بنود الورقة الأمريكية، التي يرتبط تطبيقها "بموافقة كل دولة من الدول المعنية بالالتزامات الواردة فيها" وفق مرقص.

وتتضمن الورقة مرحلة لاحقة لترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل وبين لبنان وسوريا، ثم مرحلة تثبيت كل ذلك بمسار دبلوماسي لإعادة إعمار لبنان. وتشير كذلك الى ضمانات أمريكية وفرنسية في حال تم تنفيذ المطلوب من لبنان.

وفي منشور على منصة اكس، هنأ باراك السلطات اللبنانية بـ"القرار الجريء والتاريخي والصائب" الذي اتخذته، لناحية "البدء بالتنفيذ الكامل لاتفاق وقف الأعمال العدائية"، الذي أنهى الخريف الماضي الحرب بين حزب الله واسرائيل بوساطة أمريكية، ونصّ على حصر حمل السلاح بستة أجهزة أمنية وعسكرية رسمية.

الوزراء الشيعة ينسحبون

استبق الوزراء الشيعة انتهاء الجلسة بالانسحاب منها، اعتراضا على عدم تراجع الحكومة عن قرارها بسحب السلاح بحلول نهاية العام، وفق ما أوردت قناة المنار التلفزيونية التابعة للحزب، وبعد رفضهم النقاش في ورقة باراك.

وتضمّ الحكومة خمسة وزراء شيعة، اثنان منهم محسوبان على حزب الله واثنان على حليفته حركة أمل، إضافة الى الوزير فادي مكّي الذي اختاره رئيس الجمهورية جوزاف عون، لكنه انسحب أيضا من جلسة الخميس.

وقالت وزيرة البيئة تمارا الزين المحسوبة على حركة أمل، إثر انسحابها لقناة المنار "تمنينا أولا تثبيت وقف إطلاق النار.. والانسحاب الإسرائيلي على أن نستكمل بقية النقاط".

حزب الله، إلى أين؟

بعد أشهر قضاها تحت الأرض، مقاتل حزب الله الناجي "علم توا بمقتل نصر الله"

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد قال يوم الأربعاء الماضي إن إيران تدعم حليفها حزب الله في قراراته، بعد أن رفض حزب الله خطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاحه.

وقال عراقجي في مقابلة متلفزة "أي قرار في هذا الشأن سيعود في نهاية المطاف إلى حزب الله"، مؤكداً "نحن ندعمه عن بعد، لكننا لا نتدخل في قراراته".

وأضاف أن حزب الله "أعاد بناء" قدراته بعد النكسات التي تعرض لها في الحرب مع إسرائيل العام الماضي"، مشدداً على أن السعي لنزع سلاح حزب الله ليس موضوعاً جديداً، "فقد جرت محاولات مماثلة في السابق، وأسبابها معروفة، إذ أثبت سلاح المقاومة فعاليته للجميع في ساحة المعركة".

وتعالت أصوات في الداخل اللبناني برفض تصريحات عراقجي، الذي رجح أن خطة نزع السلاح قد تفشل، والتنديد بالتدخل الإيراني في الشأن اللبناني.

وقال وزير الخارجية اللبنانية يوسف رجي إن تصريحات عراقجي تناولت قضايا داخلية في لبنان لا تعني إيران بأي شكل من الأشكال، مؤكداً أنها مرفوضة ومدانة وتعتبر مساساً بسيادة لبنان ووحدته واستقراره.

مسيرة تابعة لحزب الله
Getty Images
طائرة بدون طيار تحمل علم حزب الله اللبناني فوق عرمتا المتاخمة لإسرائيل في 21 مايو/أيار 2023 قبل ذكرى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000
"انقلاب خطير"

أصدرت الكتلة البرلمانية التابعة لحزب الله، داخل البرلمان اللبناني بيانا شديد اللهجة، أعربت فيه عن رفضها القاطع لتبني رئيس الحكومة اللبنانية للورقة الأمريكية بشأن نزع سلاح الحزب، معتبرة ذلك "انقلاباً خطيراً" على البيان الوزاري وانحرافا عن خطاب القسم الذي أطلقه رئيس الجمهورية.

وأشارت الكتلة في بيانها، اليوم الخميس، إلى أن بعض من وصفتهم بـ "أهل السلطة في لبنان" ينساقون خلف الإملاءات الخارجية والضغوط الأمريكية، متجاهلين حسابات المصلحة الوطنية العليا ومتطلبات الوحدة الداخلية، التي تُعد "الضمانة الأهم للبنان".

واعتبر البيان، أن تبني رئيس الحكومة للورقة الأمريكية دليل واضح على هذا الانقلاب السياسي، على حد وصفه.

وأكدت الكتلة، أن "التسرع المريب وغير المنطقي" للحكومة ورئيسها في الموافقة على المطالب الأمريكية يشكل "مخالفة ميثاقية صريحة" ويمثل "ضربة لاتفاق الطائف"، الذي نص صراحة على حق لبنان في الدفاع عن نفسه.

ويطالب حزب الله، المدعوم من طهران، بأن تنسحب اسرائيل من خمسة مرتفعات في جنوب لبنان أبقت قواتها فيها بعد سريان وقف إطلاق النار، وأن توقف ضرباتها، من بين شروط أخرى، قبل نقاش مصير سلاحه داخليا ضمن استراتيجية دفاعية.

تطورات ميدانية

رغم وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل شنّ ضربات على مناطق مختلفة في لبنان، وتقول إنها تستهدف بنى تحتية للحزب ومستودعات أسلحة وقياديين ناشطين ضدّها. وتتوعد بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في لبنان ما لم تنجح السلطات في نزع سلاح الحزب.

وأسفرت ضرباتها الخميس على شرق لبنان عن مقتل ستة أشخاص، وفق وزارة الصحة.

وأعلن المتحدث باسم القوة الدولية المنتشرة في جنوب لبنان أندريا تيننتي الخميس أن قواته بالتنسيق مع الجيش اللبناني "اكتشفت شبكة واسعة من الأنفاق المحصّنة" قرب الناقورة في المنطقة الحدودية.

وقبل الحرب الأخيرة مع إسرائيل، كان الحزب قادرا خلال الحكومات المتعاقبة على فرض القرارات الحكومية الكبرى أو تعطيل العمل الحكومي.

لكن الحزب خرج منهكا من مواجهة مفتوحة خاضها العام الماضي مع إسرائيل، وقُتل خلالها عدد كبير من قادته ودُمّر جزء كبير من ترسانته.



إقرأ المزيد