إيلاف - 11/6/2025 3:28:18 PM - GMT (+2 )
يلتقي قادة العالم في مدينة بيليم البرازيلية قريباً في اجتماعهم السنوي لمناقشة قضية التغيّر المناخي.
ويتزامن انعقاد مؤتمر "كوب30" هذا العام مع مرور عشر سنوات على توقيع اتفاقية باريس للمناخ، والتي تعهدت بموجبها دولٌ بمحاولة الإبقاء على درجة حرارة سطح الأرض أو ما يُعرف بالاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية.
لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يقول إن هذا الرقم المستهدَف 1.5 درجة مئوية هو رقم مبالَغٌ فيه وإنه الآن يُعتبر حتميّاً ولا مفرّ منه.
ولا يُعتقَد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيكون من بين قادة العالم الذي سيحضرون مؤتمر "كوب30".
ما هو مؤتمر "كوب30" وما الذي يشير إليه؟"كوب30" هو اجتماع الأمم المتحدة السنويّ للتغيّر المناخي رقم 30.
و"كوب" هي الأحرف الأولى من كلمات عبارة "مؤتمر الأطراف" الذين يناهز عددهم 200 دولة موقّعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ المُبرمة في عام 1992.
متى ينعقد مؤتمر "كوب30"؟تُعقد فعاليات مؤتمر "كوب30" ابتداءً من يوم الاثنين العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني وحتى يوم الجمعة 21 من الشهر نفسه.
ويجتمع قادة العالم يومَي الخميس والجمعة، السادس والسابع من نوفمبر/تشرين الثاني قبل افتتاح المؤتمر.
وعادة ما يتجاوز المؤتمر حدود الوقت المحدَّد لانعقاده؛ وذلك بسبب مفاوضات اللحظة الأخيرة لتأمين اتفاق.
يجري اختيار الدولة المضيفة من قِبَل الدول المشارِكة، وذلك بعد أن تترشّح هذه الدولة لاستضافة المؤتمر.
وتعدّ هذه هي المرة الأولى التي يُعقد فيها المؤتمر في البرازيل.
ويعدّ اختيار مدينة بيليم، في غابات الأمازون المطيرة، تحدياً بحدّ ذاته.
وبالفعل واجهتْ وفودٌ صعوبةً في حجز أماكن للإقامة بأسعار معقولة، ما كشف الستار عن مشكلات بعينها قد تواجهها الدول الفقيرة.
كما أنّ قرار إزالة الأشجار في جزء من غابات الأمازون لعمل طريق يؤدّي إلى مكان انعقاد المؤتمر- هذا القرار أثار حوله جدلاً.
علاوة على ذلك، تواصِل البرازيل مَنْح تراخيص جديدة للنفط والغاز، اللذين يُعتبران إلى جانب الوقود الأحفوري، سبباً رئيسياً من أسباب الاحترار العالمي.
من هم الحاضرون لمؤتمر "كوب30"، ومن الغائبون عنه؟
من المتوقع أن تحضر المؤتمر وفودٌ عن الدول من حول العالم.
وعن بريطانيا، يحضر رئيس الوزراء السير كير ستارمر، وكذلك الأمير وليام نيابة عن الملك تشارلز.
لكن قادة دول عديدة لم يقرّروا بعد ما إذا كانوا سيحضرون المؤتمر.
وكان ترامب بعد وقت قصير من حفل تنصيبه في يناير/كانون الثاني 2025، قد تعهّد بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، التي توثّق الالتزام الدولي بمعالجة مشكلة التغيّر المناخي.
أما الصين، أكبر مصدرللانبعاثات المسبّبة للاحترار العالمي، فمن المتوقع أن ترسل وفداً للمؤتمر، لكن من غير المتوقع أن يحضر الرئيس الصيني شي جينبينغ بنفسه.
وإلى جانب السياسيين، سيحضر المؤتمر دبلوماسيون وصحفيون، فضلاً عن ناشطين في مجال البيئة.
وواجهت مؤتمرات المناخ السابقة انتقادات بسبب كثرة أعداد الحاضرين الممثلين لدول يرتبط اسمها بصناعات الفحم والنفط والغاز، فيما يرى ناشطون أنه يُظهر النفوذ القائم للمدافعين عن الوقود الأحفوري.
ما أهمية مؤتمر "كوب30"، وما هي اتفاقية باريس للمناخ؟ينعقد مؤتمر "كوب30" في وقت شديد الحساسية، تواجه فيه أهداف المناخ العالمي تحديات.
وفي باريس عام 2015، وافقت حوالي 200 دولة على محاولة الحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات "ما قبل الثورة الصناعية" والإبقاء عليها تحت 2 مئوية.
وثمة دليل عِلمي قوي جداً على أن آثار التغير المناخي- من الارتفاعات غير المسبوقة في درجات الحراراة إلى ارتفاع منسوب مياه البحر- ستتفاقم حال وصول درجة حرارة الأرض إلى 2 مئوية.
ويتزايد استخدام الطاقة المتجددة بوتيرة متسارعة، لا سيما الطاقة الشمسية، لكن في المقابل تتراجع خُطط كثير من الدول فيما يتعلق بمتطلبات الحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 مئوية.
وكان من المفترض، قبل انعقاد مؤتمر "كوب30"، أن تقدّم دول عديدة خططاً تفصيلية تشرح من خلالها كيف تُخفض الانبعاثات المتسببة في الاحترار العالمي. ومع ذلك لم يتقدم إلا ثلث العدد المفترض من تلك الدول.
وفي ظل ذلك، رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الهدف المبالَغ فيه بالحفاظ على درجة حرارة الأرض عند 1.5 مئوية، هو هدف حتميّ ولا مفرّ من الوصول إليه.
لكن مع ذلك، يأمل غوتيريش أن تتراجع درجات حرارة الأرض مع نهاية القرن الحادي والعشرين.
وتأمل الأمم المتحدة أن يشهد مؤتمر "كوب30" مزيداً من التعهدات بالالتزام بأهداف اتفاقية باريس للمناخ.
تأمل البرازيل في الاتفاق على خطوات كفيلة بالوفاء بالالتزامات المتعهَّد بها في مؤتمرات المناخ السابقة.
وبالإضافة إلى خطط جديدة تقدّمت بها دول للحدّ من انبعاثات الكربون، توجد خطط أخرى عديدة سوف تُطرَح للمناقشة في مؤتمر "كوب30".
الوقود الأحفوريفي مؤتمر "كوب28" الذي انعقد في 2023، وافقت دولٌ لأول مرة على الحاجة إلى "التحوّل بعيداً عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة".
لكن هذه الحاجة لم يتم التأكيد عليها في مؤتمر "كوب29" الذي انعقد في 2024، كما كان يأمل كثيرون.
التمويلفي مؤتمر "كوب29"، تعهدت الدول الغنية بمنح الدول النامية ما لا يقل عن 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة هذه الدول في مواجهة آثار التغير المناخي.
لكن هذا الحجم من التمويل أقل بكثير مما تحتاجه الدول الفقيرة.
وكان مؤتمر "كوب29" أيضاً قد شهد تطلُّعات بزيادة هذه القيمة الممنوحة للدول النامية إلى 1.3 تريليون دولار من مصادر عامة وخاصة.
لكن لم تُتّخَذ خطوات ملموسة كافية على هذا الصعيد.
مصادر الطاقة المتجددةفي مؤتمر "كوب28"، تمّت الموافقة على مضاعفة حجم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة- مثل الرياح والشمس- إلى ثلاثة أضعاف الاستفادة الراهنة، بحلول عام 2030.
لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن العالم ليس على الطريق للوفاء بهذا الهدف، وذلك على الرغم مما تشير إليه التوقعات من زيادة حجم الاستفادة من الطاقة المتجددة بوتيرة متسارعة.
الطبيعةربما كان التطوّر الجديد الذي يشهده مؤتمر "كوب30" هو تدشين "مرفق الغابات الاستوائية للأبد"- وهو مبادرة برازيلية تهدف إلى تمويل مستدام لحماية الغابات الاستوائية حول العالم.
من الصعب اتخاذ خطوة فارقة إلى الأمام في مؤتمر المناخ لهذا العام، لأسباب منها نفوذ إدارة ترامب.
وفي خطاب إلى الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، قال الرئيس الأمريكي إنّ تغير المناخ هو "أكبر عملية احتيال يشهدها العالم قاطبة"، وراح ترامب يطعن على غير هُدى في الأدلة العِلمية على ارتفاع درجات الحرارة.
وزاد ترامب على ذلك بأنْ تعهّد بدعم أعمال التنقيب عن النفط والغاز، فيما تراجع عن المبادرات "الخضراء" التي دشّنها أسلافه في البيت الأبيض.
وفي عام 2025، تعذّر الوصول إلى إجماع عالمي على صعيد قضايا بيئية أخرى مثل محاولات للتوصل إلى معاهدة عالمية للحدّ من التلوث البلاستيكي في أغسطس/آب الماضي، والتي فشلت للمرة الثانية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، تمّ إرجاء اتفاق تاريخي يستهدف الحدّ من انبعاثات سفن الشحن العالمية، بسبب ضغوط من الولايات المتحدة ودول أخرى.
وقام مراقبون، بينهم الناشطة في مجال المناخ غريتا ثونبرغ، باتهام مؤتمرات المناخ السابقة بما يُعرف بـ "الغَسل الأخضر"- بمعنى تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركات دون التزام حقيقي.
لكن هذه المؤتمرات مع ذلك، شهدت توقيع اتفاقات عالمية كفيلة بإحراز تقدُّم أكبر مما كانت لتحرزه التدابير التي تتخذها كل دولة على حِدة.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تكتنف الطريق إلى درجة الحرارة المستهدفة للعالم عند 1.5 مئوية، إلا أن هذه التعهدات قادت إلى خطوة شبه عالمية على طريق مجابهة التغير المناخي، وفقاً للأمم المتحدة.
وقد ساعد ذلك ولا شك في خفض درجة الاحترار العالمي- حتى ولو كان ذلك بوتيرة أقلّ من تلك المطلوبة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
- بحيرة طبريا: من معجزات المسيح إلى علامات القيامة
- ماذا سيحدث لو اختفت الأشجار من على وجه الأرض؟
- بين "الإعصار العظيم" و"إعصار القرن": ما أقوى الأعاصير في التاريخ؟
إقرأ المزيد


