موقع سي ان ان بالعربية - 12/24/2025 4:35:36 AM - GMT (+2 )
تحليل بقلم براد ليندون من شبكةCNN
(CNN)-- يُسلّط إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فئة جديدة من السفن الحربية تحمل اسمه الضوء مجددًا على برنامج بناء السفن البحرية الأمريكية الذي لم يُوفّق في تسليم السفن الحربية الجديدة في الوقت المحدد وضمن الميزانية المخصصة في السنوات الأخيرة، وهو ما أشار إليه ترامب نفسه في خطابه من منتجعه في مارالاغو، الاثنين.
وقال ترامب: "نحن نصنع أفضل المعدات في العالم، بلا منازع، لا أحد يُضاهينا. لكننا لا نُنتجها بالسرعة الكافية"، مُعلنًا أنه سيجتمع قريبًا مع كبار الشركات المتعاقدة مع الجيش الأمريكي لزيادة إنتاج السفن الحربية الجديدة وبرامج الأسلحة الأخرى.
لكن على الأقل في خطة السفن الحربية، يبدو أن البحرية تُبحر عكس التيار، مع بناء السفن نفسها وبعض أنظمة الأسلحة التي تقول البحرية إنها ستُجهز بها.
قد يهمك أيضاً
إليكم ما يجب مراعاته بشأن سفن حربية مقترحة من فئة "ترامب":
الرؤية
ذكرت نشرة حقائق صادرة عن البحرية الأمريكية، الاثنين، أن فئة "ترامب" ستكون "أكثر السفن الحربية فتكًا على الإطلاق".
بطول يصل إلى 880 قدمًا وإزاحة تتراوح بين 30ألف و40ألف طن، ستكون هذه السفن أيضًا أكبر سفن حربية سطحية بنتها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
كانت تلك السفن الحربية، مثل السفينة الشهيرة "ميسوري" التي شهدت استسلام اليابان في 1945، بطول 887 قدمًا وإزاحة تبلغ حوالي 58ألف طن.
أما أكبر السفن الحربية السطحية في أسطول البحرية الأمريكية حاليًا فهي مدمرات "زوموالت" التي تبلغ إزاحتها 15ألف طن.
بحسب الموقع الإلكتروني الجديد للبحرية الأمريكية، ستتمتع هذه السفن، كما هو مُخطط لها، بـ"أقوى قوة نارية تدميرية بين جميع السفن السطحية التي أبحرت على الإطلاق، إذ ستتمكن من ضرب العدو على مدى يزيد 80 ضعفًا عن مدى الفئة السابقة".
وستُسلّح البوارج بصواريخ كروز جديدة قادرة على حمل رؤوس نووية، تُطلق من 12 منصة إطلاق على متنها. ستكون هذه الصواريخ فرط صوتية - أي أسرع من الصوت بخمس مرات - وقادرة على المناورة لتضليل دفاعات العدو.
وستضم فئة "ترامب" أيضًا 128 منصة إطلاق عمودية يمكن استخدامها لإطلاق صواريخ كروز "توماهوك" الأبطأ سرعة، أو صواريخ مضادة للسفن، أو صواريخ اعتراضية للدفاع الصاروخي.
وتشمل التسليحات الأخرى مدفعًا كهرومغناطيسيًا، ومدافع تقليدية عيار خمس بوصات، ومجموعة من الليزر والمدافع الأصغر حجمًا.
وبشكل عام، ستكون هذه السفن المُخطط لها أقوى بمئة ضعف من البوارج التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، وفقًا لما صرّح به ترامب.
العقبات: بنائها
لم تُحدد إدارة ترامب أي إطار زمني لمرحلة التصميم - التي صرّح الرئيس الأمريكي بأنه سيشارك فيها شخصيًا - أو لبناء أول سفينتين.
وسيقود مشروع البوارج الجديدة قاعدة بناء سفن بحرية عانت من صعوبات في التسليم خلال السنوات الأخيرة، والتي وصفها وزير البحرية جون فيلان هذا العام بأنها "في حالة فوضى".
وقال فيلان أمام جلسة استماع في مجلس النواب في يونيو/حزيران: "جميع برامجنا في حالة فوضى. أعتقد أن أفضل مشروع لدينا (لبناء السفن) متأخر ستة أشهر ومتجاوز للميزانية بنسبة 57%... هذا هو أفضلها".
ثم في الشهر الماضي، ألغى فيلان برنامج فرقاطات فئة "كونستليشن"، الذي كان متأخرًا عن الجدول الزمني بنحو 3 سنوات، وكان من المتوقع أن ينتج عنه سفن حربية أصغر حجمًا وأقل تعقيدًا من البوارج الجديدة التي يقترحها ترامب الآن.
أما بالنسبة للسفن الكبيرة والمعقدة، فقد تأخرت أحدث حاملة طائرات في البحرية، وهي حاملة الطائرات "جون إف كينيدي"، بنحو عامين عن موعد تسليمها المقرر في يوليو/تموز من هذا العام. تُعزى هذه التأخيرات إلى أنظمة الهبوط ومصاعد الأسلحة الجديدة التي لا تزال البحرية تسعى للحصول على شهادات اعتمادها.
ثمّة مسألة أخرى: من سيبني هذه البوارج الجديدة؟ فأحواض بناء السفن الأمريكية تعاني أصلاً من ضغط كبير بسبب أعمال البناء والصيانة والتجديد الحالية.
يقول المحلل كارل شوستر، وهو قبطان سابق في البحرية الأمريكية: "لم يعد لدينا البنية التحتية اللازمة لبناء السفن والصناعات البحرية لإنجاز هذا المشروع بسرعة".
وأضاف شوستر أن السفن بحجم فئة ترامب ستحتاج إلى نفس مساحة أحواض بناء السفن التي تحتاجها سفن الإنزال البرمائي وسفن الدعم اللوجستي الكبيرة التي تحتاجها البحرية أيضاً، لذا سيتعين إعادة تشغيل أحواض بناء السفن المغلقة أو بناء أحواض جديدة.
ثمّة أيضاً مسألة القوى العاملة.
ويقول شوستر: "سيتطلب دعم هذا البرنامج برنامجاً وطنياً للتوظيف والتدريب للعاملين في أحواض بناء السفن، والكهرباء، وأنظمة المعلومات والاستشعار".
وأشار وزير البحرية مؤخراً إلى صعوبات توظيف القوى العاملة، لا سيما فيما يتعلق بالأجور، وقال في مؤتمر عُقد في إنديانا الشهر الماضي: "إذا استطاع العمال كسب نفس الأجر في مستودع أمازون أو متجر صغير، فمن غير المرجح أن يختاروا الوظائف الشاقة والمرهقة في أحواض بناء السفن البحرية".
وذكر أليسيو باتالانو، أستاذ الحرب والاستراتيجية في كلية كينجز بلندن، أن واشنطن تمتلك الخبرة التقنية اللازمة لبناء هذه السفن، لكن عليها التغلب على مشكلة أحواض بناء السفن.
وأضاف: "السؤال هو... هل تمتلك الولايات المتحدة القدرة الكافية في أحواض بناء السفن والقوى العاملة اللازمة لتحويل أسطول ذهبي المظهر إلى أسطول بحري حقيقي؟".
وأخيرًا، يجب مراعاة التكلفة.
ستحل سفن حربية جديدة في نهاية المطاف محل مدمرات فئة "أرلي بيرك" التابعة للبحرية الأمريكية، والتي تُشكل العمود الفقري للأسطول الأمريكي.
تُقدر تكلفة كل مدمرة من هذه المدمرات بحوالي ملياري دولار، أما سفينة من فئة "ترامب" فستصل تكلفتها إلى 15 مليار دولار، وفقًا لتقرير صادر الاثنين عن شبكة أخبار معهد البحرية الأمريكية .
العقبات: المتابعة
أشار شوستر إلى سجل البحرية غير الموفق في إتمام برامج بناء السفن الطموحة.
لنأخذ على سبيل المثال مدمرات فئة "زوموالت" المذكورة سابقًا، وهو برنامج بدأ في التسعينيات، وتم تقليص خطة بناء 32 سفينة من فئة السفن المتطورة ذات التقنية العالية والقدرة على التخفي إلى 3 سفن فقط، ولا تزال آخر سفينة من هذه الفئة، وهي حاملة الطائرات الأمريكية ليندون جونسون، تنتظر دخول الخدمة، ومن المتوقع الآن أن يكون ذلك في 2027.
أما فرقاطات فئة كونستليشن، فقد تم تقليص عددها إلى سفينتين كحد أقصى من أصل 20 سفينة.
وكما يشير شوستر، فإن برامج بناء السفن الحديثة التي وصلت إلى الأرقام المخططة لم تحقق النجاح المرجو، وخاصة برنامج سفن القتال الساحلية، فقد شهد هذا البرنامج، الذي أنتج أكثر من 36 سفينة، إخراج بعضها من الخدمة بعد 5 سنوات فقط من الخدمة، وذلك بسبب مشاكل في الموثوقية وعدم وجود مهمة محددة بوضوح.
وسيحتاج سلاح واحد على الأقل من الأسلحة المخطط لها لفئة ترامب - وهو المدفع الكهرومغناطيسي - إلى إعادة استخدامه من قبل البحرية إذا ما أُريد استخدامه على البوارج.
وألغت البحرية برنامج المدفع الكهرومغناطيسي في 2021، عندما تبين أن التحديات التقنية تفوق قدرة البحرية على التغلب عليها.
وتستخدم تقنية المدفع الكهرومغناطيسي الطاقة الكهرومغناطيسية لدفع قذيفة مقواة بسرعات تفوق بكثير سرعات أنظمة الأسلحة الحالية، لكنها تتطلب كميات هائلة من الطاقة، ولم تُحرز معظم البرامج حول العالم تقدمًا يُذكر حتى الآن نحو سلاح تجاري موثوق به.
ويقول شوستر إن الإدارة الأمريكية بحاجة أيضًا إلى إجراء بعض التغييرات في الإدارة إذا أرادت نجاح فئة ترامب.
وأضاف: "ستتولى قيادة أنظمة البحرية إدارة هذا المشروع، وهي منظمة وهيئة أفسدت جميع برامج بناء السفن الحربية السطحية في هذا القرن".
وتابع: "أعتقد أن على ترامب إجراء تغييرات جذرية في هذه المنظمة إذا أراد لأي برنامج بناء سفن أن ينجح".
ويقول باتالانو إن هناك مشكلة أخرى داخل البحرية: وهي توفير الطواقم للسفن الجديدة الأكبر حجمًا، والتي كان من المتوقع أن تضم ما بين 650 و850 بحارًا.
وأضاف: "لا تُعرف البحرية الأمريكية بريادتها في مجال الحلول المبتكرة فيما يتعلق بإدارة الطواقم بكفاءة أكبر، وسيتطلب ذلك تحولاً ثقافياً، في ضوء بناء فئات جديدة أخرى، ذا أبعادٍ كبيرة".
ساحة المعركة البحرية المستقبلية
إذا تمكنت البحرية من إنزال أسطول من البوارج من فئة ترامب إلى الخدمة، فسيظل هناك تساؤل حول مدى ملاءمتها للمهام الموكلة إليها.
هذا التساؤل يُطرح على جواهر الأسطول الأمريكي الحالية - حاملات الطائرات. هل تستطيع هذه السفن الضخمة - التي يبلغ طولها حوالي 1100 قدم، أي ما يعادل طول ثلاثة ملاعب كرة قدم - الصمود في مواجهة خصمٍ قوي كالصين؟
يمتلك الجيش الصيني صاروخ DF-26 الباليستي متوسط المدى، الملقب بـ"قاتل حاملات الطائرات" لأنه مصمم لتدمير حاملات الطائرات الأمريكية من مسافات بعيدة عن البر الرئيسي الصيني، قبل أن تتمكن طائراتها المقاتلة من الاشتباك مع أهداف صينية.
ويرى بعض المحللين أن على واشنطن التركيز على أعداد كبيرة من السفن الحربية الصغيرة، القادرة على حمل عدد قليل من الصواريخ أو الطائرات المسيّرة، ونشرها على امتداد واسع من الممرات المائية، ما يُقلل من تفوق بكين في عدد الصواريخ من خلال توفير عدد كبير جدًا من الأهداف التي يصعب التعامل معها.
وتشير نشرة حقائق صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية في 2023 إلى أن واشنطن تعمل على جعل قواتها في المحيط الهادئ "أكثر قدرة على الحركة، وأكثر انتشارًا، وأكثر مرونة، وأكثر فتكًا" لردع الخصوم وطمأنة الحلفاء.
ويقول المعارضون إن السفن الحربية الكبيرة، مثل حاملات الطائرات، قد تُحمّل منصة واحدة قوة نارية مفرطة.
وذكر يو جيهون، الباحث في المعهد الكوري لتحليلات الدفاع وضابط الغواصات الكوري الجنوبي السابق: "تكمن مزايا السفن الحربية الصغيرة والأنظمة غير المأهولة في إمكانية زيادة عددها بتكلفة منخفضة نسبيًا، وزيادة جدواها من خلال توزيع المخاطر على منصات متعددة".
ويضيف البعض أن السفن الكبيرة ليست عرضة للصواريخ فقط.
ويثور تساؤلٌ حول كيفية تعاملهم مع الطائرات المسيّرة، وهي منصاتٌ رخيصةٌ غير مأهولةٍ في الجو وعلى سطح البحر وتحته، والتي أظهرت أوكرانيا خلال حربها مع روسيا قدرتها على تعطيل السفن السطحية والغواصات على حدٍ سواء، إن لم يكن إغراقها.
وعرضت الصين مجموعةً من الطائرات المسيّرة البحرية تحت الماء في عرضٍ عسكريٍّ في بكين في سبتمبر/أيلول، بحضور رئيسها شي جينبينغ، الذي كان محاطًا بنظيره الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
وفي مقالٍ نُشر على موقع "نافال نيوز" هذا الشهر، قال المحلل إتش آي ساتون إن الطائرات المسيّرة الصينية الكبيرة يُمكن استخدامها لزرع ألغامٍ تُعيق وصول السفن الحربية الأمريكية إلى الموانئ البحرية الأمريكية حول المحيط الهادئ. وإذا لم تتمكن البوارج الأمريكية المقترحة من الوصول إلى البحر، فلن تتمكن من استخدام قوتها الهجومية.
التغيير لابدّ أن يبدأ من مكان ما
هذه قائمة طويلة من التحديات التي تواجه برنامج سفن حربية من فئة ترامب المقترح، لكن المحللين يقولون إنه لا ينبغي استبعاد واشنطن.
ففي نهاية المطاف، وكما قال ترامب في خطابه يوم الاثنين، هذه هي الدولة التي رفعت إنتاجها العسكري خلال الحرب العالمية الثانية إلى مستوى يسمح لها بإنتاج عدة سفن في يوم واحد.
ويرى شوستر مثالاً أحدث، من ستينيات القرن الماضي، حيث قال: "أعتقد أن ترامب يحاول تحقيق تفوق بحري مماثل لدعوة جون كينيدي لبرنامج فضائي. تذكروا، بدا أن السوفيت متقدمون علينا في الفضاء، ما شكّل تهديداً مباشراً لأمننا القومي" وذلك قبل أن تطلق واشنطن برنامج أبولو الذي شهد هبوط رائد فضاء أمريكي على سطح القمر في 20 يوليو 1969.
لكن شوستر لا يعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على تحقيق ذلك بمفردها هذه المرة فالحلفاء ضروريون، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل القوانين التي تحكم بناء السفن البحرية الأمريكية الحالية.
وذكر أنه بناء السفن التابع للبحرية الأمريكية "في حالة فوضى، شركات كورية جنوبية تعتقد أنها قادرة على المساعدة في إصلاح هذا الوضع".
وقال شوستر: "يقترب الجيش الصيني من امتلاك القدرة على تحدي وصولنا إلى غرب المحيط الهادئ، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا وواضحًا لأمننا القومي. وبما أنه يشكل أيضًا تهديدًا لليابان وكوريا الجنوبية، فإن الاستعانة بهما لمواجهة هذا التحدي يُعد حلاً ضروريًا لهذه المشكلة".
ولا يزال هذا التعاون بين الحلفاء في مراحله الأولى، لكن وضعت أسسه.
وكان ترامب أشاد، الاثنين، بشركة هانوا أوشن الكورية الجنوبية، التي تستثمر مليارات الدولارات في حوض بناء السفن في فيلادلفيا، والذي قد يتولى بناء سفن البحرية الأمريكية مستقبلًا.
إقرأ المزيد


