هدنة حلب تحت المجهر بين فرص الانفراج وخطر التصعيد
سكاي نيوز عربية -

هذه التطورات، المتزامنة مع توترات أمنية في السويداء وحراك دبلوماسي سوري روسي في موسكو، تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت البلاد تتجه نحو انفراجة سياسية أم تقف على أعتاب جولة جديدة من التصعيد.

في ضوء التطورات الأمنية التي شهدتها مدينة حلب، إلى جانب التوترات المتصاعدة على جبهة المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، يقدّم الباحث في العلاقات الدولية محمد العمري قراءة تحليلية لجذور التصعيد ومآلاته، مستندا إلى إخفاق الأطراف المعنية في تنفيذ اتفاق العاشر من مارس، وما يحمله ذلك من تداعيات سياسية وأمنية على مجمل المشهد السوري.

ويؤكد العمري، خلال حديثه إلى "غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية، أن ما شهدته حلب حتى اللحظة، إلى جانب التوترات المتزامنة في الشمال الشرقي، يرتبط بشكل مباشر بعدم الالتزام بالاتفاقات السياسية الموقّعة، محذرًا من أن استمرار هذا النهج يعقّد المشهد في توقيت بالغ الحساسية.

الاتفاقات السياسية بوابة الاستقرار

يشدد العمري على أن المؤشر الأبرز في التطورات الأخيرة يتمثل في الحاجة الملحّة إلى تعزيز الاستقرار السياسي عبر التطبيق الفعلي للاتفاقات، معتبرًا أن تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات بين الأطراف المختلفة لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة.

ويرى أن المطلوب في هذه المرحلة هو إنجاز المسارات المتفق عليها، لأن توسع دائرة العنف سيعيد الصراع إلى الداخل السوري، ويفتح الباب أمام استغلاله من قبل قوى إقليمية ودولية تسعى إلى إحداث حالة عدم استقرار.

تجاوز منطق الاتهام

ويذهب العمري إلى أن تجاوز مرحلة تبادل اللوم بات ضرورة سياسية وأمنية، موضحا أن الالتزام بالاتفاقات، ولا سيما من قبل قوات سوريا الديمقراطية، يشكل حجر الزاوية في أي مسعى للاستقرار.

فبحسب رؤيته، لا يمكن لأي دولة أو مجتمع القبول بوجود قوات أو تشكيلات مسلحة خارج إطار مؤسسات الدولة وسيادتها، وهو ما يجعل تنفيذ الاتفاقات أولوية لا تحتمل التأجيل.

الدور الأميركي وضبط الإيقاع

وفي السياق الدولي، يرى العمري أن ثمة رغبة واضحة لدى الولايات المتحدة والإرادة الدولية عموما لتحقيق الاستقرار في الداخل السوري.

ويشير إلى أن واشنطن تسعى إلى تهيئة الأجواء لدفع كل من السلطات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" نحو تنفيذ الاتفاقات، مستفيدة من علاقاتها الإيجابية مع الطرفين.

كما يلفت إلى أن الاتفاق الحالي في أحياء الأشرفية والشيخ مقصود يعد الثالث من نوعه، بعد اتفاقي نيسان (أبريل) وتشرين الأول (أكتوبر)، ما يعكس حرصا أميركيا متكررًا على منع تطور الأزمات نحو صراع مفتوح.

البحث عن الحلول بدل التصعيد

ويقر العمري بوجود أخطاء وعدم التزام من قبل قسد، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن التركيز على تحميل المسؤوليات يبعد الأطراف عن جوهر المشكلة والخطر الحقيقي.

ويرى أن الإيجابية تكمن في البحث عن حلول سياسية واقعية، مدعومة بإرادة دولية حقيقية، بدل الاستغراق في تبادل الاتهامات الذي لا يخدم مسار الاستقرار.

دلالات الحضور الروسي

أما على صعيد الدور الروسي، فيعتبر العمري أن زيارة وفد روسي رفيع المستوى تحمل دلالات متعددة، أبرزها استكمال مسار ضبط العلاقات السورية–الروسية بعد مرحلة النظام السابق.

ويؤكد أن لروسيا مصلحة مباشرة في تحقيق الاستقرار، مستندة إلى شبكة علاقات مع مختلف القوى المؤثرة في الداخل السوري، إضافة إلى دورها في محاولة ضبط السلوك الإسرائيلي في الجنوب، عبر نقاط المراقبة والدوريات المشتركة.

ويخلص العمري إلى أن مؤشرات الذهاب نحو تعزيز الحوار والمباحثات تفوق مؤشرات التصعيد، رغم ما تشهده بعض المناطق من توترات طبيعية في سياق معقّد. فالإرادة الإقليمية والدولية، وفق تقديره، تتقاطع عند هدف واحد يتمثل في استقرار سوريا، خشية تداعيات أي انفجار واسع قد يطال المنطقة بأكملها.



إقرأ المزيد