سكاي نيوز عربية - 12/24/2025 9:21:00 AM - GMT (+2 )
غزة، التي ما زالت في قلب العاصفة، عاشت واحداً من أقسى الأعوام في تاريخها الحديث. أزمة إنسانية وُصفت من قبل الأمم المتحدة بأنها الأشد قسوة، مع شهور طويلة من النزوح المتكرر، وتحول حياة المدنيين إلى رحلة هروب دائمة من الغارات والاجتياحات العسكرية.
في الخامس عشر من يناير، بدت بارقة أمل نادرة، مع نجاح الوسطاء ــ الولايات المتحدة وقطر ومصر ــ في التوصل إلى هدنة من 3 مراحل، شملت تبادل الأسرى، وانسحاباً إسرائيلياً تدريجياً، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة.
غير أن هذه الهدنة لم تعمر طويلا، إذ انهارت في الثامن عشر من مارس، بسبب خلافات بين إسرائيل وحركة حماس حول تنفيذ المرحلة الثانية، ليعود التصعيد العسكري بوتيرة أشد.
ومع عودة العمليات، تغيّر شكل المعركة؛ توسعت الضربات الإسرائيلية، وانتقل القتال جنوباً ووسط القطاع، من اجتياحات واسعة إلى عمليات دقيقة ومطاردة داخل شبكة الأنفاق، في وقت كانت فيه الأوضاع الإنسانية تزداد سوءاً.
شبح المجاعة خيم على السكان، والخدمات الصحية انهارت شبه كلياً، ما دفع الأمم المتحدة لاستخدام توصيفات غير مسبوقة، من بينها "العيش على حافة المجاعة" و"التجويع كسلاح حرب".
سياسياً، ومع غياب الحسم العسكري، بدأت التحركات الدولية. واشنطن، التي كانت في وقت سابق تتبنى مقاربات قاسية، أدركت أن استمرار الحرب يعني فوضى إقليمية لا نصراً حاسماً، فرفعت مستوى الضغط على إسرائيل، وفتحت قنوات حوار إقليمي، وصولاً إلى طرح ما وصفته بـ"الفرصة الأخيرة" عبر خطة ترامب للسلام.
الخطة، المؤلفة من 3 مراحل و20 بنداً، تضمنت وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، ونشر قوة دولية متعددة الجنسيات داخل غزة، إلى جانب إدارة انتقالية بإشراف دولي، مع إبعاد حماس عن إدارة القطاع ونزع سلاحها.
لعبت عواصم عربية دوراً محورياً في بلورة المقترحات وتقريب وجهات النظر، في مشهد وصف بأنه تعاون عربي أميركي غير مسبوق.
ومع وصول الخطة إلى مجلس الأمن، بدأ شد وجذب سياسي واسع؛ الولايات المتحدة دفعت بقوة لإقرارها، بينما أبدت دول تحفظات، في حين عملت عواصم عربية بهدوء بين الخطوط.
وفي النهاية، أُقرت الخطة، مانحة شرعية دولية للحكم الانتقالي في غزة، ومطمئنة الدول التي تدرس إرسال قوات ضمن القوة الدولية.
أما حركة حماس، فوجدت نفسها أمام واقع جديد؛ خسائر كبيرة في القيادات والبنية العسكرية، واستنزاف واضح في القدرات، مع استمرار الرهان على ما تبقى لديها من أوراق قوة.
ومع نهاية عام 2025، تقف غزة عند مفترق بالغ الحساسية. حرب أعادت رسم الجغرافيا وغيّرت موازين القوة، وخطة سياسية نالت شرعية دولية لكنها ما زالت تصطدم بتعقيدات الواقع الميداني والإنساني.
بين اتفاق لم يكتمل التنفيذ، وأزمة إنسانية تتفاقم، يبقى مستقبل القطاع رهناً بقدرة الأطراف الدولية والإقليمية على ترجمة التعهدات إلى أفعال، ووضع حد لمعاناة شعب أنهكه عام كامل من الحرب، بانتظار استقرار طال أمده.
إقرأ المزيد


